اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

الأربعاء، 19 فبراير 2014

من هو المُكَلَّف؟؟؟


من هو المُكَلَّف؟؟؟

 
يسألني طلابي : هل كل غير المسلمين سيدخلون النار؟؟؟؟!!!!
 

     والمُكَلَّف هو الذي سيحاسبه الله تعالى وفقًا للشريعة التي أرسلها الله له، فقوم – كمثال - موسى (عليه السلام) من عهده إلى عهد عيسى (عليه السلام) مُكلفين بشريعة موسى عليه السلام، وعيسى (عليه السلام) جاء مكمِّلًا لشريعة موسى، وليخفف عن بني إسرائيل بعض الشرائع الصعبة والتي صعبها الله عليهم نظرًا لقسوة قلوبهم وكثرة عصيانهم. فكل من بلغته دعوة موسى إلى بعثة عيسى سيُحاسب وِفق شريعة موسى فقط، وكل من بلغته دعوة  عيسى (عليه السلام) إلى بعثة محمد (ص) سيُحاسب وِفق شريعة عيسى فقط، وكل أمة تُدعى إلى كتابها يوم القيامة.


    يقول الله تعالى في سورة الجاثية: (( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (31) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) )).

 
    هل أُرْسِل موسى لكل الأرض أم فقط لبني إسرائيل؟؟؟ وهل أُرسِل عيسى لكل الأرض أم فقط  لبني إسرائيل؟؟؟ وما موقف بقية العالم في وقتهم الذين لم تبلغهم دعوة موسى ولا عيسى عليه السلام؟؟؟ وهناك آية تقول : ((إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ)) – فاطر 24- وآية أخرى : (( ما يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، وما أنا بِظلَّامٍ للعَبِيد)) – ق 29- ، أي أن الله لا يظلم الناس أبدًا، فالله سبحانه وتعالى عادلٌ وسبقت رحمته عدلُهُ كذلك.. إذن كل أُمة تُدعى إلى كتابها وتُحاسب وِفق ما وصلها من دعوة وعلم بالله وبشريعته.

    ومصداقًا لقوله تعالى فإن الله أرسل لكل أمة رسل وأنبياء ومُنذرين حتى وإن لم يذكرهم لنا... وسيحاسبون وِفق كُتبهم وما وصلهم من تعاليم الله سبحانه فقط، وكل أُمة أو فرد مُحاسب بقدر ما وصله من العِلم.
 

    وبعد بعثة محمد (ص) والذي قضى منها سنوات طوال في مكة، حوالي ثلاثة عشر سنة،  يدعو أهل مكة فقط إلى توحيد الله والإيمان به ونبذ الشرك، ولم تكن هناك شريعة آنذاك.... ما موقف من مات بعد بعثة الرسول (ص) ولم يعرف عنه أي شيء ولم تصله دعوته من سكان الأرض شمالها وجنوبها شرقها وغربها؟؟؟  يُحاسبون وِفق ما بلغهم من العلم.

 
    وما موقف من مات بعد بعثة الرسول (ص) وقد انتشر الإسلام في أرض العرب ولكنه كان يعيش في أي بقعة أخرى من العالم ويُؤمن بالله ويوحده وفق أي شريعة توحيدية أُخرى؟؟؟؟ يٌحاسب وِفق ما وصله من العلم والشريعة ووفق عمله الصالح والطالح.
 

     وما موقف الناس الآن وفي كل زمان ومكان بعد ما ملأ الإسلام الأرض وانتشر فيها، ولكن لا يعرفون شيئًا عن الإسلام؟؟ ولم يصلهم خبره؟؟؟ أو وصلهم مشوهًا مرتبطًا بممارسات بعض المسلمين الخاطئة؟؟؟ كَيف يُحاسبون؟؟؟ يُحاسبون وِفق ما وصلهم من العلم. ((وما أنا بِظلَّام للعبيد)) .


    أنا مُعلمة تربية إسلامية سألني أحد طُلَّابي هل سيدخل كل غير المسلمين النار؟؟


    فطرحت عليه سؤالًا:  يا بُني، لقد درسنا دُرُوسًا مُعيَّنة من الجزء الأول من منهاج التربية الإسلامية، فهل إذا طالبتكم باستذكار تلك الدروس التي دّرّسْتُها لكم وناقشنا مُحتواها في الصف بالتفصيل وأعطيتكم مُهلة أُسبوعين قبل الاختبار، ثم أعطيتكم الاختبار وأنت لم تدرس جيدًا، أو رفضت أن تستذكر أو رفضت أن تكتب الإجابات الصحيحة بإرادتك في الاختبار، فرسبت، هل أكون ظلمتُك كمعلمة؟ فقال: لا.

  

     فطرحت عليه سُؤالًا آخر: أنا لم أُعْطِكُم الجزء الثاني من المنهج ، وليس لديكم أيَّة فكرة عن مُحتواه ولا موضوعاته، فهل إذا فاجَأْتكُم باختبارمفاجئ في مُحتوى الجزء الثاني من المنهج، فلم تكتب شيئًا في الاختبار أو اجتهدت فأخطأت فرسبت، هل أكون ظلمتُك كمُعَلِّمة؟ فقال: نعم بالطبع.

 

    فكيف ننسب الظُلم لله، في حين اننا لا نرضاه لأنفسنا؟؟

 

    إذن فمن هو المُكَلَّف: هو البالغ العاقل الذي بلغته الدعوة ووعاها وعرف أنها الحقّ.

 

    والكافر: البالغ العاقل الذي بلغته الدعوة ووعاها وعرف أنها الحق، ثم أنكرها أو رفضها لأنها تُعارض هوى نفسه ومصالحه الشخصية.  والكُفر هو تغطية الشيء، أي إدراك وجوده ثم تغطيته ، فالإدراك والعلم بالدعوة وتفاصيلها وأهدافها  أصلًا شرط، ومعرفة أنها الحق شرط، ثم إنكارها وتغطيتها بعد ذلك فهو الكفر المحض.

    ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) )) - (الجاثية)

 

فكل من لم تبلغه شريعة نبي من الأنبياء ليس مُكَلَّفًا باتباعها ولا بتطبيق شريعتها ولا يمكننا محاكمته ومحاسبته وِفقًا  لها، وكذلك الله سبحانه وتعالى الحَكَمُ العَدْل ُ البَرُّ الرَّحِيم لن يُحاسب العبدَ إلا وِفقًا لما وصله وعَلِمَ به وأدركه ووعاه، وإلا فليس مُكَلَّفًا به.


وفي الختام نقول أن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسائل للبشرية لتوجيهها وإرشادها لطريق سعادتها في الدنيا والآخرة، فالرسالة هدفها الإنسان وسعادته .. الحمد لله رب العالمين........ أول سورة في القرآن (رسالة الله إلى الإنسان الخالدة) تبدأ بسورة الفاتحة: (الحمد لله رب العالمين....) وتختم بسورة الناس: (قل أعوذ برب الناس....). بين قوسين (الله رب العالمين، رب الناس أجمعين) .. وليس (رب المسلمين فقط).. فالحمد لله رب العالمين.

 

                                                                               أقول قولي هذا والله أعلى وأعلم.

                                                                                          (صفاء الزفتاوي)

فيديو متعلق بالموضوع:

1- كل غير مسلم مصيره جهنم؟ ... معز مسعود.


2- ما هو مصير و حكم من لم يبلغه خبر الاسلام :: د.عدنان ابراهيم

https://www.youtube.com/watch?v=rIROHtPdkxs 

3- ما هو تعريف الكفر فى القران ؟ | هل أهل الكتاب و كل من على غير الاسلام كفرة ؟ | د.عدنان ابراهيم

                                                                                      

                                                                                         الأربعاء 19\2\ 2014


    تم نشر المقال في مجلة شموس نيوز بتاريخ : 22\12\2014 **   

الأحد، 16 فبراير 2014

الموت والحياة

الموت والحياة

    يقول الله تعالي: (( كَيْفَ تَكْفُرُوْنَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيْتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيْكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ)). (سورة البقرة آية 28).
الآية 28 من سورة البقرة تتناول مراحل الحياة الحقيقية لدى الإنسان. كنتم أمواتا فأحياكم. ثم يميتكم ثم يحييكم . ثم إليه ترجعون. في البدء كان الموت وليس الحياة. (كنتم أمواتا) فالموت مرحلة من المراحل وليست نهاية . والموت يجعل الإنسان يتخلص من عالم المادة الذي يمنعه من رؤية الحقائق. فالبداية كان الإنسان في حالة موت وطهارة وبراءة في عالم الأرواح المؤمنة. وفي هذه الحالة ليس للإنسان إرادة ولا فعل حقيقي ولكنه مفعول به. ثم انتقل إلى عالم المادة والحياة ليكون فاعلا مكلفا محاسبا على أفعاله. ثم يعود لحالته الأولى (الموت ). ويعود ليدرس ويتأمل في حياته التي كان فيها فاعلا ويتحسر على ما فاته و ما فعله . ولكنه ليس فاعلا. فقط روح لا إرادة لها تفكر وتتأمل وتفرح أو تتألم ولا تفعل. ثم يعود لحالة الحياة والجسد والحساب ويوم القيامة مغامرة طويلة (50,000 سنة) أي حياة كاملة طويلة أطول مما عاشه على الأرض بأضعاف مضاعفة. ثم والعودة إلى الله بعد تلك المغامرة المأهولة بالمخاطر والمصاعب . يعود إلى الرحمن الرحيم الذي اشتقت الرحم من اسمه. وهل هناك أرحم من رحم الأم على جنينها. نعم . الرحمااااااااااان.
اليوم بإذن الله بدأت ختمة التدبر وقرأت من 1-29 من سورة البقرة . حسب تقسيمات الخريطة الذهنية لكي أفهم وأتدبر مضمون موضوعات السورة. وضعت الخريطة أمامي وكنت أقرأ كل مجموعة أيات على حدة وأتفكر فيها. واستوقفتني الآيتين 28 و 29 كثيرا.
الرحيم. الذي فاض كل الكون والخلق من عين الرحمة . والذي وسعت رحمته كل شيء. كل.... تشمل المؤمن والعاصي والكافر والملحد و.. و... و...
وعندما يصف رسوله فيقول( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) . (رحمة ).... (للعالمين) ... وليس للمسلمين فقط. تأملوا في الهدف الذي خلق الله الإنسان من أجله. والسبب الذي أرسل الله الرسل من أجله. ( الرحمة .... للعالمين ).
 
 
صفاء الزفتاوي: 16-2-2014

Copyright Text

( اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه )