اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

"أثر أفلام الأطفال الأجنبية (الكرتون/ الرسوم المتحركة) على عقيدة وقيم الطفل المسلم في ضوء الأهداف التربوية للقصة في القرآن"- ملخص رسالة الماجستير


بسم الله الرحمن الرحيم
***
(( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ))
 يوسف (3)

***

ملخص بحث الماجستير

والذي قدمته لمعهد (دراسات العالم الإسلامي)
بجامعة زايد (بالإمارات) بتاريخ 14-9-2014
للحصول على درجة الماجستير في:
(الدراسات الإسلامية المعاصرة)
تحت إشراف الأستاذ الدكتور:
(على الكنيسي)
وقد حصلت على الماجستير بدرجة (امتياز) بفضل الله
***
عنوان البحث



"أثر أفلام الأطفال الأجنبية (الكرتون/ الرسوم المتحركة) على عقيدة وقيم الطفل المسلم في ضوء الأهداف التربوية للقصة في القرآن"

***


الإهداء
إلى مُعَلِّمِي النَّاسِ الخَيْرَ
***
إلى كُلِّ أمٍّ وأَبٍ
إلى زوجي وأبنائي وبناتي
إلى أســاتـذتــي الـذِّيـن عـلَّمــونــي
إلى أستاذي الذي أشرف على هذا البحث
إلى كُــلِّ طَـــامِـــحٍ لِبـِـنــــاءِ جــِيــــــل المُـسْــتَـقْـبــــــــَل
علىَ قَاعِدَةٍ أصلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها في السماءِ
أُقدـَّمُ هـذا البحــثَ التربــويّ الإسـلامــيّ
آمِلَةً مِنَ اللهِ أن يجعلُهُ عِلْمًا نافِعًا
يُــنـــْتَــفَــــعُ بِـــهِ
***
ملخص البحث باللغة العربية
     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد، فإن من أعظم ما افترضه الله علينا تجاه نعمة الذرية أن نقوم على أمر تربيتهم وتعاهدهم بما يصلح لهم أمور دنياهم وآخرتهم، ولذا فإننا حينما نتحدث عن تربية الأبناء، فإنما نتحدث عن أمانة عظيمة ومسئولية جسيمة.
    وإن من الأهمية بمكان مراعاة تغير الزمان؛ والانفجار المعلوماتي؛ والتقنية الحديثة، فما كان ينفع من وسائل التربية في السابق قد لا ينفع في هذا الزمان، فيجب أن يكون المربي على درايةٍ بما يدور حوله مما يؤثر على التربية، فالعالم أصبح كقريةٍ واحدةٍ، أو ما يُطْلَقُ عليه العَوْلَمَة.
    ولا شك أننا في عالمنا الحديث نعيش صراعًا قِيَمِيًّا حقيقيًا بين قِيَمِ العالم الجديد (العولمة) وبين القِيم الخاصة للعديد من الثقافات والشعوب. ولاشك في أن وسائل الاعلام – أحد روافد تلك العولمة وأهمها تأثيرًا- لها بالغ الأثر في تكوين شخصية الطفل، والتأثيرعليه سلبًا أو إيجابًا، وقد استحوذت أفلام الكرتون على شاشات التلفزيون العربي سواء الفضائية منها أو الأرضية، وإن الطفل الذي يتراوح عمره بين خمس وست سنوات يقضي أربع ساعات يوميًا أمام التلفزيون، ونظرًا لقلة الإنتاج العربي لأفلام الكرتون فإن محطات التلفزة العربية تلجأ إلى استيراد تلك الأفلام من دول أجنبية، وتكمن المشكلة في أن هذه الشركات كلها شركات لا تعتد بالقيم والمفاهيم الإسلامية، وقد أكدت الدراسات مدى عمق تأثير الافلام الكرتونية في حياة الطفولة سواء من الناحية الايجابية أو من الناحية السلبية، ومن هذا المنطلق تبرز مشكلة الدراسة  وهي مدى تأثير بعض أفلام الأطفال الأجنبية ( الكرتون)، على تصورات وخيالات الطفل المسلم نحو أسس العقيدة والقيم الأخلاقية الإسلامية.
    لتلك الأسباب وغيرها، قامت الباحثة باختيار موضوع البحث وعنوانه كالتالي:
"أثر أفلام الأطفال الأجنبية (الكرتون/ الرسوم المتحركة) على عقيدة وقيم الطفل المسلم في ضوء الأهداف التربوية للقصة في القرآن".
    ويهدف البحث الحالي إلى التركيز على ما تحتويه أفلام الكرتون أو الرسوم المتحركة من قيم ومفاهيم سواء كانت هذه القيم معلنة أو خفية، وسوف تركز الدراسة على أسس العقيدة والقيم الإسلامية لدى الطفل المسلم، وكيف تؤثر تلك الأفلام على تلك الأسس، مقارنة بالأهداف التربوية للقصة في القرآن الكريم، الذي هو المحك والمعيار والدستور والميزان الذي يجب أن نقيس عليه ونقارن به وبأهدافه وقواعده وأسسه كل أمر دنيوي يَشْكُل علينا.
    وقد اعتمدت الباحثة في دراستها هذه على: المنهج الوصفي متمثلًا في أسلوبي المسح والتحليل، وذلك من خلال الخطوات التالية:
1- رصد بعض الكتابات والدراسات التي تناولت مفاهيم البحث وتحليلها.
2- توضيح الآثار السلبية والإيجابية لأفلام الأطفال الأجنبية (الكرتون) على عقيدة وقيم الطفل المسلم.
3- منهج تحليل المحتوى وذلك للوقوف على دلالات القصة  القرآنية ومرئياتها.
4- كما استخدمت الباحثة المنهج الاستدلالي وذلك لاستنباط الأهداف التربوية من نصوص القصص القرآني .
5- توضيح الدور الذي يمكن أن تسهم به الثقافة الإسلامية للطفل في مواجهة آثار العولمة ومنها ( الأفلام الأجنبية الدخيلة على الثقافة الإسلامية)، والكشف عن المعوقات التي تحول دون أداء هذا الدور.
6- استخدام أسلوب المقابلة الشخصية لعينة عشوائية من الأطفال في إحدى مدارس أبوظبي.
7- وضع مجموعة من المقترحات والإجراءات التي تسهم في التغلب على معوقات تكوين الثقافة الإسلامية للطفل، وتعمل على زيادة فاعلية دورها في مواجهة الآثارالسلبية للأفلام الأجنبية وكيفية إيجاد بدائل لتلك الأفلام، أو الحد من آثارها على قيم وعقيدة الطفل المسلم.
    وقد تمت صياغة البحث في أربعة فصول، كالتالي:
1- الفصل الأول: أسس عقيدة وقيم الطفل المسلم.
2- الفصل الثاني: الأهداف التربوية للقصة في القرآن.
3- الفصل الثالث: أثر أفلام الأطفال الأجنبية (الكرتون) على عقيدة وقيم الطفل المسلم.
4- الفصل الرابع: الخاتمة- (النتائج والتوصيات). 
    وقد أثبتت الدراسات والملاحظات التي اعتمدت عليها الباحثة إلى أن قلة الإنتاج المحلي في إنتاج الرسوم المتحركة، يفتح الباب على الاستيراد من الآخر المختلف عنَّا لُغةً وثقافةً، الأمر الذي يُؤثر سلبًا على الأطفال، لكونها لا تعكس الواقع ولا القِيم الإسلامية، على اعتبار أن تلك البرامج تأتي حاملةً لقيم البلاد التي أنتجتها وتعكس ثقافتها، ولذا يجب العمل على إيجاد البديل الإيجابيِّ المُبهرِ القويِّ الذي يُنافس تلك الأفلام العالمية، ويحمل القيم الإسلامية الحقيقية، وفي ضوء الأهداف التربوية لقصص القرآن، ليس للعالم الإسلامي فقط، ولكن للعالم أجمع، وتكون مترجمةً للغات العالمية الأكثر انتشارًا، لتحمل الوجه الحقيقي للإسلام لكبار وأطفال العالم، مما يبني جسورًا من التفاهم والاحترام الإنساني العالمي تجاه المفاهيم الإسلامية التي يُراد عن عمدٍ تشويهها لأغراضٍ سياسية ودينية وطائفية مختلفة. ولبناءِ جيلٍ قويِّ الإيمان، ثابتَ العزيمةِ، لديه رؤية حضارية كونية قرآنية، يستطيع من خلالها إعمار الأرض، بل الكون من حوله، ليستحق خلافة الله في هذه الأرض، وحمل رسالته إلى العالمين.
****

"يجب أنْ نُحرِّر عُقُولَ أبنائِنا ونُطلقُ أجنحَتَها في عَالمِ الخَيالِ والإِبْداعِ، ولكنْ بِجُذُورٍ ثابِتـَةٍ في عُمــقِ الدِّينِ والثَّقافَةِ والحَضارَةِ الإِسْلامِيَّةِ العَرِيقَةِ؛ بِمَفْهُومٍ عَصْرِيٍّ، وعُيونٍ مُفَتَّحةٍ على كُلِّ جديــدٍ وجميــلٍ وإِنْسانِيٍّ، لِيَحْيَوْا في زَمانِهِمُ، بِعُقُولٍ يَمْلَؤُها التَّساؤُل والشَّغَف، وقلوبٍ يَمْلَؤُهَا الإِيمان والثِّقة، وسلوك يجمع ما بينَ القِيَمِ والأَخْلَاقِ وبراءَةِ الطُّفولَةِ وعُنفُوانِها".
***
"وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "
***
                                       صفاء الزفتاوي 14\09\2014

                                        



الاثنين، 22 ديسمبر 2014

مِكَرٍ مِفَرٍ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا .. تحليل وتصوير رائع للقصيدة.. وملاحظة خطيرة !!

مِكَرٍ مِفَرٍ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا .. تحليل وتصوير رائع للقصيدة.. وملاحظة خطيرة !!


السلام عليكم أخوة العرب،

بادئ ذي بدء:

وصلني هذا الفيديو الرائع الذي يشرح الإبداع اللغوي والأدبي والعلمي في قصيدة امرؤ القيس الشهيرة (التي يصف فيه الحصان- مكر مفر مقبل مدبر معًا.....) ، من إحدى زميلات العمل الفضليات، وأدعوكم لمشاهدة الفيديو قبل استكمال قراءة رسالتي، لكي لا تتأثروا بانطباعي عنه ونقدي له،... شاهدوا الفيديو الآن، إنه رائعٌ حقًا!

شاهدوه على الرابط ولا أنصحكم بقراءة التعليقات أسفل الرابط على الأنترنت لأنها أحيانًا تكون سخيفة واستفذاذية.

شاهدوا الفيديو أولًا.

http://www.youtube.com/watch?v=RHZGJlIsRiY

 

....

....

....

أعجبني هذا الفيديو والتحليل الرائع لقصيدة العبقري العربي امرؤ القيس!

وقد لاحظت ملاحظة خطيرة في هذا العرض! 

فامرؤ القيس وغيره من عباقرة العرب اللذين كانوا يعيشون في الصحراء وجهًا لوجه مع الحصان والجمل وغيرها من مكونات بيئتهم الطبيعية، ويعايشون هذه المخلوقات الجميلة في الحِلِّ والترحال، في الحرب واللعب والمسابقات، وهم يعرفون كل التفاصيل الدقيقة عنها وعن حركاتها وتصرفاتها دون الحاجة إلى كاميرا أو غيرها من الوسائل الحديثة، فقد كانوا ذوي ذهن صافٍ وذاكرة حادة وملاحظة قوية ودقيقة لكل تفاصيل الحياة التي يعيشونها، وسجلوا ذلك في كل قصائدهم المشهورة.

تابعتُ العرض بشغفٍ وإعجابٍ حتى الدقيقة 2:40 تقريبًا......................  ثم ............. وجدت تلك الجملة تظهر ( شغل عقلك )  في ماذا أشغل عقلي؟!!!!

فانتظرت لأرى ...................... ثم ظهرت الجملة الثانية في الدقيقة 2:49  ( ولا تدع أحد يخدعك ) ، يخدعني حول ماذا؟!!!! إنه تحليل جميل لقصيدة جميلة وحسب!

فانتظرت لأعرف هدف المؤلف أو المُعد للعرض......................... فظهرت الجملة التالية ( افتح عقلك وابحث عن الحقيقة )، أيُّ حقيقةٍ يقصد؟!!!!!

زاد تعجُّبي ... فتابعت لأعرف ما الهدف؟! ................ فوجدت العرض قد انتهى ويقدم المعد الشكر دون أن يوضح هدفه من تلك الجمل الثلاث قائلًا: ( شكرًا للمتابعة )، العفو يا سيدي ولكنك أثرت فضولي وتركت لي سؤالًا مفتوحًا دون إجابة.

في ماذا أشغل عقلي؟ ومن الذي يريد أن يخدعني حول قصيدة امرؤ القيس؟ وعن أي حقيقة أبحث؟!!!!!!!!!

ثم .............. ظهرت الإجابة:

التوقيع الخاص بمعد العرض؟ّ!!!!

( ملحدهم  )

نعم هذه هي الإجابة، التوقيع!!!!

(شبكة الملحدين العرب على الإنترنت)، ومحاولاتها المستميتة لنشر الإلحاد، وقد نجحت بالفعل مع الكثير من شبابنا الذين يلحدون علنًا أحيانًا، وسرًا غالبًا، بالطبع خوفًا من المجتمع والقانون.

هذا الملحد الذي يعرض لنا عظمة الإبداع الأدبي والإعجاز العلمي في قصيدة امرؤ القيس، الذي عاش ومات قبل الإسلام – ونحن هنا لا نناقش إذا كان امرؤ القيس عبقريًا أو لا، بالطبع هو كذلك، وغيره الكثير من الشعراء العرب قبل وبعد الإسلام- ويترك لك هذه الجمل الثلاث التي تثيرك لتفكر، وتدفعك للتساؤل؟

هذه العبقرية اللغوية، والملاحظة الدقيقة، والذاكرة الفولاذية، والذهن الصافي، والروحانية الصوفية، وبعد الأفق واتساعه وامتداده، كل تلك الصفات تألقت وتبدَّت في أروع صورها اللغوية والعبقرية والفنية والشعرية والعلمية عند محمد بن عبد الله، هذا العربي العبقري الفذ المخطط السياسي والاستراتيجي ، هذا العبقري العربي أبدع وألَّف أعظم الكتب ( القرآن )، وخدع العالم وأخبرهم أنه من عند الله، وبهذه العبقرية السياسية خدع البسطاء والعبيد وأوهمهم أن هناك جنة سوف يجدون فيها كل ما حُرِمُوا منه في الدنيا، واستطاع كذلك خداع عظماء العرب وسادتها ودُهاتها بحلاوة وعبقرية إبداعه اللغوي الغير مسبوق في القرآن ( ولكنه مسبوق بآلاف القصائد المُعجزة لغويًا وعلميًا مثل قصيدة امرؤ القيس وغيره من فلاسفة وشعراء العرب)، فالقرآن ليس بِدْعًا من القول أو جديدًا ولكنه ذروة هذا الإبداع وهذه الفلسفة العربية والتي اتحدت مع العبقرية السياسية والكاريزما القيادية التي تميز بها محمد- ( صلى الله عليه وسلم)- فاستطاع خداع كل هؤلاء الناس البسطاء والعظماء وقادهم كالقطيع ِليُكَوِّنَ بهم امبراطوريته الخاصة، ويصبح من أعظم القادة التاريخيين.

هذا هو تحليلي للجمل الثلاث والتوقيع في آخر العرض، فكلنا قد بهرنا التحليل الرائع للقصيدة وتفاعلنا معه دون الانتباه لما بين السطور، فهل من باحث آخر عن الحقيقة يستطيع البحث والتحليل والمشاركة في هذا الموضوع.

ألا هل بلَّغت اللهم فاشهد!

                                                               صفاء الزفتاوي 21\02\2013

كما هو واضح من التاريخ السابق أنني كتبت هذا التعليق على الفيديو منذ فترة (2013).. وخلال هذه الفترة القصيرة زمنيًا، أصبح مناقشة الإلحاد علنيًا أمرًا عاديًا بعدما كان محظورًا، وأصبح الشباب الملحدون ينشرون بأسمائهم العلنية آراءهم ويعلنون إلحادهم رسميًا في صفحاتهم على الإنترنت وشاشات التليفزيون وصفحات المجلات والجرائد من باب حرية الرأي والعقيدة..

المشكلة لم تعد في المجاهرة بالمعصية والمجاهرة بالإلحاد علنًا، ولكن المشكلةفي أن الذين يتصدرون لمناقشة الملحدين يزيدون الطين بلة، ولا يجيدون فن الرد والمجادلة وتفنيد شبهات الملحدين بشكل علمي وعقلاني وتاريخي ونفسي وديني وقرآني.. فيفاجؤهم الملحدون بشبهات لا يستطيعون الرد عليها .. ويحدث ذلك علنًا على شاشات التليفزيون والمنتديات الخاصة على الإنترنت مما يزيد الشباب المؤمن تشكيكًا وميلًا لتصديقهم.. والمطلوب أن تخصص الجامعات التي تدرس العلوم الشرعية كالأزهر والكليات المتخصصة فيعلوم الدين والشريعة في الجامعات المختلفة جزءًا من مجهودها العلمي في رسائل الماجستير والدكتوراه للرد على شبهات الملحدين والنصارى وغيرهم تجاه الإسلام، وبأسلوب علمي دقيق ، لمعرفة مواطن الداء والدواء، ولا يتصدى للرد إلا الدارسون لهذا الجانب دراسة واعية متقنة، وهذا باب من أعظم أبواب الجهاد.. ولنا في الله سبحانه وتعالى الأسوة وفي رسوله الكريم، حيث جادل الله سبحانه الملحدين والمتشككين والكفار والمنافقين وأهل الكتاب في القرآن الكريم، فالقرآن كتاب حوار مفتوح ، ولا يجب إغلاقه أبدًا..بل يجب إعادة دراسته وتدبره بشكل متجدد كلا تجدد الفكر البشري وتطورت طرق ومناهج البحث في العلوم الإنسانية ، فلنا فيه المعين الذي لا ينضب، وكذلك في السنة الصحيحة المتوافقة مع القرآن الكريم، ونستعين على ذلك بكافة العلوم الحديثة من علم نفس وعلم اجتماع وغيرها من العلوم المساعدة والتيتساعد في فهم الظاهرة وأسباب نشأتها وانتشارها وتفشيها وكيفية مواجهتها. والله ولي التوفيق.

                                                          صفاء الزفتاوي   22\12\2014


الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

في فقه الإصلاح الإسلامي


في فقه الإصلاح الإسلامي

مقدمة:


    إن ظاهرة الاستعمار الأوربي لأجزاء العالم الإسلامي الإفريقية، وظاهرة المقاومة الشعبية المناهضة لها، والفشل الذريع الذي مُنيت به الحركات العسكرية الإصلاحية في ظل مجتمع يعج بالجهل والتخلف الحضاري والعلمي والبعد عن أصول الدين الحنيف وانتشار البدع والخرافات الدخيلة على الدين وما تبعها من صدمة حضارية وافتتان بالغرب المستعمر وحضارته التكنولوجية المتطورة، كل ذلك قد لفت الانتباه إلى أن إعادة بناء المجتمع المسلم المعاصر تقتضي إعادة النظر في جهازه المفاهيمي الذي هو نسيج مختلط من القرآن والتراث والفكر المعاصر. وأن إعادة تفكيك وتركيب هذا الجهاز المفاهيمي الذي أصابه العطب يقع على عاتق الثلة المفكرة أو المصلحون الاجتماعيون والدينيون والسياسيون. وفي إطار ما سبق نستعرض الموضوع في خمسة محاور فيما يلي.


(1)- الانحطاط الداخلي وبوادر النهضة:


    نستعرض هنا حركتين من حركات المقاومة المسلحة الفاشلة، وهما: حركة الأمير عبد القادر في الجزائر 1830م، وحركة عرابي باشا في مصر 1882م، وأوضحت الدراسة أن فشل تلك الحركات وغيرها كان بسبب أن المجتمعات التي نشأت فيها لم تكن مؤهلة فكريًا ودينيًا وثقافيًا لمساندة تلك الحركات، كما أن تلك الحركات قد تعجَّلت في اتخاذ قرار المقاومة المسلحة دون أن تكون مستعدة له في مواجهة القوة الأوربية المدعومة بالعدد والعتاد والتكنولوجيا. ولذلك ظهرت في أعقاب تلك الحركات العسكرية الفاشلة حركات إصلاحية دينية اجتماعية حاولت تجنب المواجهة المسلحة واتخذت من الرجوع إلى القرآن وإعادة تفسيره ومن المُثُل الإسلامية وسيلة للنهضة الإنسانية والعلمية، وحاولت بناء الإنسان ومحاربة التخلف والانحطاط العلمي والديني. إن التفاوت الكبير بين الحضارة الأوربية المتطورة في ذلك الوقت والانحطاط الشديد لدى المجتمعات الإسلامية أحدث صدمة وهزة نفسية لدي العلماء والمثقفين قبل العامة، بالإضافة لفشل حركات المقاومة المسلحة والإحباط الناتج عن ذلك أوجد حاجة ماسة لظهور حركات التجديد والإصلاح الفكري والذي استعرضت الدراسة منها اثنتان فقط: جمعية العروة الوثقى في مصر وحركة ابن باديس الإصلاحية في الجزائر.


(2)- جمعية العروة الوثقى بمصر:


   أسسها جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده ودعمها بعدهما محمد رشيد رضا، وبالرغم من أن الأفغاني لم يشتهر كمفسر للقرآن إلا أن آراءه أثرت في تفسير محمد عبده ومحمد رشيد رضا والذي ظهرفي (تفسير المنار) الذي بدأه محمد عبده وأتمَّه تلميذه محمد رشيد رضا بعد وفاته. ويتلخص المنهج الفكري للأفغاني فيما يلي: 

  1- إن منظومة المفاهيم القرآنية هي التي تقود الناس إلى النهضة الحضارية على أن تتوافر لديهم النية في التغيير للأفضل.

  2- إن العقيدة الدينية ينبغي أن تكون مبنية على البراهين القويمة والأدلة الصحيحة.  

 3- إعادة ربط علوم الوحي بعلوم الطبيعة.  

 4- التركيز على مفهوم الأمة وتقليص دور زعماء الطرق المزيفون ورجال المؤسسة الدينية المتبطلون. 

 5- الاعتزاز بالتراث العلمي للأمة الإسلامية. 

 6- رفض نقل التكنولوجيا الأوربية نقلًا آليًا.


    وفي ضوء تلك المفاهيم كان محمد عبده يلقي دروسه في التفسير، ومع ذلك فقد اختلف مع الأفغاني في رفض نقل العلم والتكنولوجيا الأوربية، فقد كان يشجع الانفتاح على المناهج العلمية الأوربية ونواتجها الحضارية مما حدى بسيد قطب – صاحب المدرسة الراديكالية في الفكر الإسلامي الحديث – باتهامه بالتأثر بمناهج الفكر الغربية، حيث كان ينادي سيد قطب إلى الاستقلال والاستغناء بالمنهج الإسلامي الخالص. ونجد كذلك أن جماعة الإخوان المسلمين - والتي أصبحت أكبر حركة تنظيمية دينية سياسية في العالم الإسلامي- قد سارت على ضوء الرؤية التي وضعها الأفغاني ومحمد عبده فيما يتعلق بمكانة القرآن في عملية التغيير والنهضة ولكنها اتخذت اتجاه ( التنظيم الحركي).


(3)- الجزائر والتخلف الداخلي:


    إن الانحطاط الحضاري الذي حكاه الجبرتي إبان الهجمة الفرنسية على مصر لم يكن قاصرًا عليها وإنما كان يمتد ليشمل العالم العربي الإسلامي، والجزائر كانت مثالًا على ذلك، فسهل ذلك الانحطاط الهجمة الفرنسية على مصر1798م، والجزائر1830م. ولقد حاول الأمير عبد القادر الجزائري استنفار المجتمع لمساعدته في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الفرنسي ولكن واجهته عقبات كثيرة أدت إلى فشل حملته العسكرية، من أهمها:

 1- الطابور الخامس: الذي ينتمي ظاهريًا للمسلمين ولكنه يساعد المستعمر بالإمدادات والمعلومات.

 2- القاعدين عن الجهاد.

 3- مشكلة توفير الميزانية اللازمة لأعباء الجهاد. 

     إن حركة المقاومة تحتاج إلى مجتمع المقاومة وإلى ثقافة المقاومة وهذا ما لم يجده الأمير عبد القادر ففشلت حركته.


(4)- التفسير والتنظيم أساس النهضة:


    وُلد عبد الحميد بن باديس عام 1889م في قسطنطينية بعد وفاة الأمير عبد القادر بست سنوات، في أسرة اشتهرت بالعلم والثراء، حفظ القرآن صغيرًا وتلقى العلم على يد الشيخ الونيسي الذي تبرَّم بالاحتلال الفرنسي فهاجر للمدينة المنورة رافضًا العودة للوطن ودعا ابن باديس لهجر الوطن ولكنه رفض وعاد لبلده مجاهدًا في ميدان العلم والتعليم. وقد كان يرى أن التصدي للغارة الاستعمارية له شروط نفسية مجتمعة، إذا لم تتوفر فإن عملية المقاومة ستبوء بالفشل. واتخذ ابن باديس من العلم وتربية الرجال القرآنيين منهجًا لإعداد المجتمع القرآني الذي سيقود الأمة للتقدم والحضارة ومواجهة الاستعمار. ويتلخص منهجه في أن نهضة المسلمين تقتضي أن تكون لهم قوة، وهذه القوة لن تكون إلا في وجود تنظيم يقوم بعملية الإنشاء المُتروي للقادة والمفكرين الذين سيقودون المجتمع للتطور والكفاح، وأن هذا الإعداد التربوي القرآني لن يحدث إلا بإعادة اكتشاف الرؤية القرآنية وإعادة تركيب المجتمع. فكان ابن باديس رجل تفكير وتنظيم، فِكر وعمل، وكان ذلك مصدر قوته الحقيقية. وقد انتقد ابن باديس وكذلك محمد عبد ومن قبلهما ابن خلدون ومن قبله الإمام مالك بن أنس الثورة العشواء والحركات العشوائية التي يريد أصحابها إقامة الحق دون معرفة أسباب إقامته، ويرفضون الخروج على الحاكم الظالم الذي يترتب عليه فساد أكبر من فساد الحكام الظالمين أنفسهم.


(5)- تفسير ابن باديس: نماذج وتعليق.  


    كان تفسير ابن باديس الذي نشره في مجلة الشهاب تحت عنوان ( مجالس التذكير) لأكثر من عشر سنوات يحمل الطابع الصحفي التعليمي العملي، فقد كان يحلل الآية ويُفرع لها عناوين تصل إلى خمسة عشر عنوانًا، محولًا إياها إلى برنامج عمل مستخدمًا في ذلك كل معارفه اللغوية والشرعية ومعارفه في علم النفس والاجتماع والسياسة، وكان يرى أن الغرب قد فُتِنَ بالمسلمين وسلوكياتهم السيئة فنفر من الإسلام، كما فُتِنَ المسلمون بالتقدم الغربي فاتبعوه في كل شيئ حسنُهُ وسَيِّئَهُ. ونلاحظ:

 1- أن الهيمنة الاستعمارية والحضارية الأوربية على العالم الإسلامي كانت تضغط على تفكير ابن باديس وتستحثه على إعادة قراءة القرآن للتعرف على كيفية يتم من خلالها الخروج من الفتنة المجتمعية.

 2- خروجه على المهنية في التفسير ودعوته إلى تجاوز الأساليب المدرسية الشكلية والنفاذ للعمق القرآني.

 3- اهتمامه بعلم السُنن الكونية وتأكيده على أهمية الأخذ بالأسباب الطبيعية لتحقيق النتائج، ولكنه أغفل أن هذه الأسباب والنتائج ما لم تكن مرتبطة بالنظرة الإيمانية فإنها ستكون قاصرة وتؤدي إلى الدخول في سباق لا ينتهي نحو هدف غير معلوم، يؤدي إلى العبث المفضي إلى الشقاء والدمار.

 4- يكرر ابن باديس في تفسيره دائمًا أن تقدم أوربا لم يكن بسبب تخليها عن الدين ولكنه لم يمنعه، كما أن تأخر المسلمين لم يكن بسبب تمسكهم بالدين ولكنه أيضًا لم يمنع التخلف، فالفيصل عنده في التقدم أو التخلف هو الأخذ بالأسباب الكونية الطبيعية للتقدم في الدنيا. ولكننا نرى أن الدين قد عصم المسلمين من الانحطاط الأخلاقي ففي أسوأ حالات انحطاط المسلمين لم تبلغ فيهم الوحشية وسفك الدماء والتهتك والانهيار الخلقي الذي نراه يهدد الحضارة الأوربية.


خاتمة:

    لقد راينا أن الحركات المسلحة التي لم تكن مدعومة بمجتمع المقاومة وثقافة المقاومة قد فشلت، كما أن الحركات الإصلاحية التي اتخذت من إعادة قراءة وتفسير القرآن وتفكيك وتركيب الجهاز المفاهيمي للمجتمع قد أثرت في المجتمع ولكنها كذلك لم تؤتي ثمارها المرجوة حتى الآن، فما زالت المجتمعات الإسلامية تعج بالمشكلات والتفكك، وأن تلك الحركات الإصلاحية المعرفية يجب أن تدرج في سياق القوة، فالقوة بدون فكر وتنظيم لا تنجح، والفكر والتنظيم بدون قوة تدعمه لا ينجح كذلك، مثلما حدث للأفغاني. وإن منهجية الأفغاني أو محمد عبده أو ابن باديس يمكن أن تصل إلى غايتها إذا تفطنت إلى كيفية التعامل مع منهجية الإمبريالية الأوربية التي تستند بدورها على منهجية تسعى لتجزئة ديارالإسلام وتفتيت المسلمين، وقطع الطريق بينهم وبين القرآن والتكنولوجيا.


                                                 صفاء الزفتاوي

                                                9-12- 2014

Copyright Text

( اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه )