اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

الخميس، 6 نوفمبر 2014

كيف تحكم على الإنسان؟ لماذا أستمع لعدنان إبراهيم؟

كيف تحكم على الإنسان؟

 لماذا أستمع لعدنان إبراهيم؟



*** سألني بعض الأخوة الأفاضل، لماذا أنتِ مهتمة بالاستماع لعدنان إبراهيم؟؟؟
*** وهذا ردي:
     " رجل يقول الحق، بأسلوب بليغ، ولديه وجهة نظر واجتهاد مقبول، وليت كل علمائنا مثله، يربط بين العلم والدين والفلسفة، يجتهد، قد يصيب وقد يخطئ.. فليس بمعصوم.. ولكنه يحاول أن يتدبر آيات الله في القرآن وفي الكون، وفي التاريخ الإسلامي والإنساني بشكل عام. وهذا هو المطلوب. فليس المطلوب رجال دين يحفظون ويرددون بدون فهم أو إسقاط لقضايا التفسير والفقه على الواقع.
    وبالطبع هناك من يهاجمه، وهذا عادي ومألوف في كل زمان ومكان.

   الشيء الوحيد المحفوظ هو القرآن، أما كل ما عداه فقد لعبت فيه أيادي البشر وعقولهم، فكل ما عدا القرآن اجتهادات.. نأخذ منها ما يوافق القرآن والعقل والواقع والعلم والمصلحة العامة للمسلمين. ونرفض منها ما يتناقض مع أي شيء من ذلك.

   وبالنسبة لهذا العالَم الذي نعيش فيه لا تعطي الثقة الكاملة لأي عالم دين أو مذهب.. فالكل له وجهات نظر تتعصب للمذهب، وليس للإنسان، والدين جاء لسعادة الإنسان وإرشاده وليس لنصرة مذهب على مذهب.
ولكن استمع للجميع، واحكم بعقلك، واختر لنفسك ولا تجعل أحد يختار لك، فقد يكون الإخلاص موجودًا، ولكن التعصب أعمى.. يطمس الكثير من الحقائق.

    ولمن يخافون من الفلسفة واستخدام عقولهم والتفكر والتدبر ، أقول لهم إنَّ الله سبحانه وتعالى قد خلق آدم ليبحث ويتفلسف، ويفكر ويتدبر ويعمر الأرض ويتعلم، ويدور في فلك الله ويُسَبِّح.

    لا أشكك في أحد، ولكن لا أثق في أحد ثقة مطلقة، فلا يوجد أنبياء الآن على الأرض. ولكن ما يعصمك من الزلل، أن تستعين بالله وتتمسك بالقرآن، وتتدبر وتفكر وتختار، وإن اخطأت فقد اجتهدت فأخطأت فلك أجر.

   وبالطبع فعليك أيها الإنسان، الذي أنت خليفة أبيك آدم في الرض، وخليفة الله في الأرض، ومعجزة الله الكُبرى في الكون، أن تقرأ وتدقق، وتسمع له جيدًا، ولغيره، وتقارن، ثم تحكم وتختار. وأنصحك ألا تختار مذهبًا، ولكن اختر منهجًا في التفكير. فالمذاهب اختراع بشري كذلك، وكل مذهب يحمل سلبيات وإيجابيات.. ولكن المنهج، يجعلك تختار من كل ما تقرأه وتتابعه ما يوافق المنهج.

    والمتعلمون، وخاصة من تخصصاتهم علمية يفهمون جيدًا معنى المنهج العلمي في التفكير.. فالدين فيه ثوابت. وفيه فروع ومتشابهات وأمور كثيرة لا يجب التضييق فيها، لأن الإسلام الدين الخاتم الذي يناسب كل زمان ومكان كما نقول.. والمذاهب لا تناسب كل زمان ومكان. ولكن تناسب البيئة الزمانية والمكانية التي نشأت فيها وتأثرت بها فقط. مع الاحترام لكل العلماء الذين اجتهدوا وقدموا علمًا يناسب أزمانهم.

    والله سبحانه وتعالى من صفاته "الحي"، والقرآن كلام الله الحي، وليس الجامد أو الميت، ولذلك فالقرآن ليس كالكتب السابقة التي كانت تُرسل لأقوام محددين في أزمنة وأمكنة محددة... ولكنه متفاعل وحي مع كل الأحداث الجديدة ويخاطب البشر على قدر عقولهم بتطوراتهم المختلفة.

    فالقرآن فعلًا بلسان عربي مبين، يفهمه الصحابة في زمن النبي بطريقتهم، ويفهمه اللاحقون بطريقة أكثر تطورًا، ونفهمه نحن ونربطه بمستحدثات العلم. فكلما تطور العلم ونضج العقل البشري تطور فهمه للقرآن، وسيظل هكذا كالشجرة اليانعة تؤتي ثمارها كل حين بإذن ربها، لا ينقطع خيرها ولا بركتها. ولكن أن نحوله إلى مادة حفظ وترتيل وترديد ليل نهار دون تدبر لآياته، وهو الأمر الذي أمرنا الله به، تدبره وإسقاطه على واقعنا في كل زمان ومكان.. فبذلك قد حولناه إلى كتاب ميت، كتاب تاريخ، يحكي قصص الأولين، ولا يخاطب الحاضرين واللاحقين.

    وقد كان أستاذي الأول الشعراوي رحمه الله، ثم مصطفى محمود الذي حببنا في العلم وربطه بالدين، وجعلنا نفهم أن الدين حياة، وليس صومعة راهب ، وأن الدين روح من الله، وليس جسدًا ميتًا.

    وعدنان إبراهيم يتبع خطاهما ولكن بشكل أكثر تطورًا لاتساع ثقافته الفلسفية، وتعمقه الديني، وكذلك خلفيته العلمية، واختلاطه بالغرب... ففي السفر سبع فوائد... ومنها التعرف على أفكار وثقافات وعلوم الشعوب الأخرى التي تثري معرفتك، وتجعل أفقك ممتدًا دون نهاية، وسقف أحلامك غير موجود أصلًا ... فالسماء ليست لها نهاية معلومة... ويجب أن يكون سقف أحلام المؤمن ... تحت عرش الرحمن.... فهل تعرف له مساحة أو عرض أو ارتفاع؟؟؟

     وأنا لا أستمع لعدنان إبراهيم فقط، ولكن للجميع.... من كل الطوائف والمذاهب، وذلك لأن هذا مجال علمي وعملي، ولكي أكون باحثة محايدة يجب على القراءة والاستماع للجميع، ثم النقد العلمي على أساس الأدلة المنطقية المنهجية وليس التأثر العاطفي أو التعصب المذهبي. وما خطأ إبليس الذي دمر حياته، إلا التعصب والكبرياء لنفسه ولرأيه دون تواضع واحترام للحق عندما يظهر.

    اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه".

*****
صفاء الزفتاوي: 6-11-2014

****

كيف تحكم على الناس؟؟ عدنان ابراهيم.

https://www.youtube.com/watch?v=F_Zd4nYsx8E 


هل خرجت من صندوقك ؟؟ عدنان ابراهيم

https://www.youtube.com/watch?v=MofB_DRBFP8 





الاثنين، 3 نوفمبر 2014

نظرية المعرفة والعلوم الإسلامية (2)

نظرية المعرفة والعلوم الإسلامية (2)
Theory of Knowledge and Islamic Sciences

(الغافلون)
***
إن القول الشائع : (القانون لا يحمي المغفلين) صحيح، وكذلك قوانين الله في الكون والطبيعة (لا تحمي الغافلين). 


  ***

    اللهم ارزق أمتك نعمة استخدام العقل الذي أصابه الصدأ والعته من طول ركنه وعدم استخدامه.
    إن القول الشائع : (القانون لا يحمي المغفلين) صحيح، وكذلك قوانين الله في الكون والطبيعة (لا تحمي الغافلين). 
    كم سألنا الله ولكنه لم يستجب لنا؟؟ كم دعونا ودعونا ودعا إمام الحرمين وأمَّن الحجاج، وكل أئمة الأرض في مساجدهم كم دعوا وأمَّن الطيبون خلفهم.. لماذا لم يستجب لنا الله؟؟ هل مرَّ هذا السؤال بخاطرنا يومًا وأبكانا وأيأسنا؟؟ أين أنت يا الله؟؟؟
وإجابتي التي اكتشفتها مؤخرًا بعد طول عناء وسؤال لنفسي ولغيري وصرخت بأعلى صوتي : وجدتها .. وجدتها .. وبقدر ما قتلتني .. بقدر ما أعادت لي ثقتي بربي وإيماني به....
    الله لا يفعل لنا .. ولا بالنيابة عنَّا .. ولا يفكر لنا ويدبر لنا وينصرنا على أعدائنا مهما رفعنا الأكف للسماء ضارعين، ومهما ابتهلنا وذرفنا الدمع والدماء متوسلين خانعين... القانون لا يحمي المغفلين... والله لا يحمي الغافلين. فعندما نعود لإنسانيتنا التي أرادنا الله لها وخلقنا لأجلها، ونستخدم عقولنا التي ميزنا بها، ونفكر ونتدبر ونخطط، ونُعمل كل إمكانياتنا الممنوحة إلينا من الخالق،ثم نطلب التوفيق من الله، وقتها نجد المدد والعون منه، ومن كل دابة في الأرض والسماء، وقتها نستطيع تسخير الكون كله للدفاع عن قضية الحق. وكل قضايا الحق. لا ترفع يدك للسماء إلا من بعد أن تبذل كل وسعك إلى آآآآآآآآخر مداه. وقتها فقط يُستجابُ لك.
    سألني أحد طلابي اليوم (من الصف السادس)، ولد صغير فلسطيني متحمس، وناقم على اليهود والإسرائيليين، قائلًا: لماذا لا ينصرنا الله على الإسرائيليين.. فقلت له: الله لا ينصر الأغبياء، فقال لي (معتقدًا أنني أسب الإسرائيليين) ولكنه نصرهم علينا.. فقلت له: نحن الأغبياء وليسوا هم.. فلماذا ينصرنا.
    نحن من ندمر أنفسنا ونتواكل على الله، نحن من نبيع أراضينا، وينتشر الجهل والفقر وسوء الإدارة والفساد الأخلاقي والاقتصادي بكل مكان في بلادنا، فكيف ننتصر وبماذا، لقد هزمنا أنفسنا.. فلماذا ينصرنا الله .
تدبروا آيات الله التالية ، واستنتجوا لماذا حق القول على هؤلاءالقوم: (استحقوا العقاب)؟
يقول الله تعالى في سورة يس:       
                                    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
( يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ(6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(10) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ(11) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)).
                                        صدق الله العظيم.
    لماذا حق عليهم القول؟ ولماذا لم يؤمنوا؟ ولماذا جعل الله في أعناقهم أغلالًا في الدنيا (مصائب ومشاكل وكوارث... إلخ)، وفي الآخرة (ستكون أغلالًا حقيقية)؟ لماذا وضع الله السدود من بين أيديهم ومن خلفهم، فأغشاهم فلم يعودوا يبصرون الحق ، ولا يستطيعون فهم الرسالة، مهما بذل الرسول من الجهد لإنذارهم، (لأنهم كانوا غافلين) مستمرئين الضلال والجهل والغباء .. فاستحقوا أن يظلوا فيه وأن يزيده الله عليهم فيعمي أبصارهم أكثر من عماها الموجود ..
    وبالمقابل ، من يستحق الإنذار ويستجيب له؟

( إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)



    الذين يتبعون القرآن (الذكر) ويخشون الله، ويتدبرون وينفذون أوامر الله التي أمرهم بها في القرآن، ويفهمون رسالته الحقيقية، هؤلاء فقط من يستحقون الإنذار ويستجيبون له وينتصرون به.
                                                صفاء الزفتاوي 17-11-2014
http://www.shomosnews.com/-theory-of-knowledge-and-islamic-sciences.html

السبت، 1 نوفمبر 2014

نظرية المعرفة والعلوم الإسلامية (1)

نظرية المعرفة والعلوم الإسلامية (1)

Theory of Knowledge and Islamic Sciences



 ** How do you know that your knowledge is true ?
** Theory of knowledge ( TOK) ..
** نظرية المعرفة وفلسفة العلوم الإسلامية ومصادر التشريع الإسلامي..
**الدين والتاريخ والوحي .
** العلوم الإسلامية بين الوهم والحقيقة.. ( العلم الزائف ) .
هل السنة وحي ؟ وما المقصود بالسنة ؟ وما حجية السنة ووضعها بالنسبة للقرآن؟
كيف تتحقق من صدق الدليل .. وصلاحيته للاستدلال به ؟
من هم القرآنيون الجُدُد؟ هل هم طائفة واحدة أم عدة طوائف واتجاهات ومذاهب مختلفة؟
من هم العقلانيون؟
هل أن تنسب إلى القرآن وأن تعمل عقلك وتتدبر وتجتهد كما أمرك الله سبة واتهام ؟ أم أنه اجتهاد ؟ وما ضوابط وحدود الاجتهاد وشروطه؟
كيف يمكن تحريف وتزييف القرآن ؟ ( يحرفون الكلم عن بعض مواضعه) ... اقتطاع الآيات من سياقها والاستشهاد بها في غير مقصودها .. تحريف.
** العلوم الإسلامية بين الوهم والحقيقة... العلم الحقيقي والعلم الزائف.
****
    موضوعات متعددة تستحق البحث والدراسة لكي نتأكد من صدق معارفنا وعقائدنا التي نبني عليها حياتنا الدنيا والآخرة.

    هل وقعنا نحن المسلمون الآن فيما وقع فيه أهل الكتاب من قبلنا .. من تحريف لأوامر الله .. وإضافة آرائنا وتوجهاتنا الشخصية وعاداتنا وتقاليدنا المرتبطة بالبيئة والظروف الاجتماعية والسياسية وغيرها للدين واعتبارها جزء منه .... هل أصاب ديننا التحريف في بعض جوانبه .. ولماذا أصبحنا غثاء كغثاء السيل تتكالب علينا الأمم ؟ ولماذا أصبح بأسنا بيننا شديد .. ( تحسبهم جميعا وقلوبهم  شتى) ؟

    هل ما ينزل بالعالم الإسلامي من فتن وأهوال علامات رضى الله علينا أم سخطه علينا ؟ وما السبب؟ وما العلاج ؟

    المعرفة أقوى سلاح .. ولذلك يتم تجهيل شعوب بأكملها .. ومنهجية التجهيل والحرب القائمة ضد الإسلام قائمة منذ قرون.. ليست منذ 30 سنة كما يظن البعض في مصر وبعض البلاد العربية، ولكنها منذ أن ظهر الإسلام وهاجر الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة، ومن وقتها واليهود يكيدون له ولأمته.. وبدأوا ببث سموم الفساد فكل الأوساط العلمية والثقافية والسياسية و(ألبسوها) زي الدين... وإلى الآن ما زالت الخطة قيد التنفيذ... الموضوع أقدم مما يتصور الكثيرون... بل هو على البُعد الأقصى .. يبدأ يوم أن أمر الله( سبحانه وتعالى) الملائكة بالسجود لآدم، فاحترق (عزازيا) حقدًا وغلًا، وشاطَ، وأصبح (شيطانًا) ... ومازالت المؤامرة قائمة.

    لقد تحدى الله ملائكته عندما اعترضوا على خلق آدم - عليه السلام- وعلى الهدف من خلقه (الخلافة في الأرض). فقد كان الهدف خلافته لله في الأرض وإعمارها وليس تدميرها، وليس العبادة والصلاة ليل نهار، ولكانت الملائكة أمهر منه في ذلك، ولكنه خُلِق للأرض، وأعطاه الله سبحانه وتعالى المقومات والإمكانات اللازمة لأداء مهمته الأرضية والتي لم تفهم الملائكة- رغم شفافيتهم ونورانيتهم الحكمة من ذلك. ثم علمه الله الأسماء كلها، أسماء الأشياء أو أسس العلوم الكونية على اختلاف أقوال المفسرين، ثم أقام الله بينه وبين الملائكة مسابقة في العلم والمعرفة، وليس في العبادة ، ففاز فيها آدم، لأنه خُلق لذلك، للعلم والمعرفة وإعمار الكون، والعبادة أحد تلك الأدوات التي زوده الله بها والتي تعينه على مهمته، فبالعبادة يستطيع أن يتقوى على كل المصاعب وتتطهر نفسه ويتذكر الله دائما فيتذكر سبب وجوده ويجتهد في تنفيذ مهمته، فالعبادات والأخلاقيات وسائل لرياضة النفس وتهذيبها وشد عزيمتها، وليس لتسخيرها للعبادة فقط، أو إذلالها، أو تخويفها.

    إن العلم والمعرفة ، هما مهمة آدم في الأرض، وهما أول ما أمره الله به، فإذا أردنا تغيير وجه الحقيقة، فلنوهم الإنسان بأنه خُلِق للعبادة بمعناها الضيق فقط ، الصلاة والصيام والحج، و... إلخ. تلك عبادات تخص الإنسان وحده، كأنها فيتامينات الإيمان التي يتناولها فتقويه لأداء مهمته الأصلية في الكون.

   والإنسان أقوى من الملائكة وأقوى من الشياطين، لو فهم حقيقة نفسه، ووعاها جيدًا.. فلقد سجدت له الملائكة، وذلَّت له الشياطين، وهو القادر (بإذن الله وعونه) بإيمانه وذكائه على الانتصار على الشر ومواصلة طريق الإعمار والعلم والمعرفة والخير ، ولكن إذا فهم حقيقة رسالته في الكون، ولم ينخدع بخدع الشيطان ويسير وراءه وعلى خطواته مغمض العينين، وبالفعل فالشيطان دائمًا ما يزين كل شيء قبيح بغلاف خادع مزخرف. (زُخْرُف القول). فقد يغلفه بالدين، فيضل الإنسان وهو يظن أنه يحسن عملًا.

    ولقد عَمِد المغرضون عبر قرون إلى سد منافذ النور الذي أرسله الله إلينا عبر رسوله الكريم (محمد صلى الله عليه وسلم) وهو (القرآن)، بكثرة التفاسير والتأويلات والأحاديث الموضوعة والمدسوسة والمكذوبة وغيرها، حتى بعض الأحاديث التي نظن أنها صحيحة قد نجدها تتعارض مع بعض صريح القرآن، وبالتالي فأصلها مشكوك فيه، حتى لو اجتمع أهل الأرض جميعًا على تصحيحها، فقد كان هناك من المتخصصين في تأليف الأسانيد الصحيحة لمتون غير صحيحة، ولكلام غير صحيح ليوهموا حتى علماء الأحاديث بأن السند صحيح إذن فالمتن ( نص الحديث) صحيح.

    ولكن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " (8) سورة الصف.

    أما العلم والمعرفة الحقيقيين فطريقهما صعب جدًا وليس سهلًا، والباحث المتجرد من الأهواء ومن الثوابت التي فرضت عليه سابقًا على أنها الحقائق الوحيدة يشترط له شرطين مهمين للبحث العلمي وللوصول إلى الحق، وهذين الشرطين شرحهما بالتفصيل (ابن قيم الجوزية في كتابه الفوائد ، والذي يعتبر بصيص نور في غياهب الظلام التي أحاطت بالمسلمين في عصره، مع أنه هو وأستاذه ابن تيمية حاولا الإصلاح، ووصفا بعض العلاجات والأدوية لبعض الجروح، ولكنهما لم يتمكنا من الوصول إلى أصل المرض العضال والجرح العميق القاتل في جسد الأمة) وهذين الشرطين للباحث المتجرد الباحث عن الحقيقة هما :

(1)- الإستعانة باالله سبحانه  وتعالى، والتوكل عليه، والثقة به. 
(2)- التجرد من الطمع والفزع، ويستعين على التجرد من الفزع والطمع، بالشرط الأول وهو : التوحيد لله والتوكل عليه والثقة به. وليعلم أنه لا يأتي بالحسنات إلا هو ، ولا يأتي بالسيئات إلا هو، وأن الأمر كله لله، وليس لأحد مع الله شيء. 

    لقد كان أول أمر للإنسان المسلم في كتاب ربه العزيز، وفي رسالته للعالمين : (اقرأ)، فلم يأمره بالصلاة ولا الصيام ولا حتى التوحيد ونبذ الشرك والخرافات، بل أمره بالقراءة، لأن القراءة هي مفتاح العلم والمعرفة، فلو قرأ الإنسان (باسم ربه) ، مستعينًا بربه ومتوكلًا عليه، ومتجردًا من أهوائه وأطماعه في المنصب والجاه والمال، والذي يسعى إليه معظم من يقرأون، أي أنهم يتعلمون ويدرسون ويحصلون على أعلى الشهادات لينالوا بها الوظائف والمناصب، لا لينالوا بها شرف المعرفة والعلم، وكذلك يتجرد من الفزع، أي من الخوف على فقد حياته أو ماله أو منصبه أو جاهه الذي اكتسبه في الحياة الدنيا إذا قرأ وعرف الحق وصدع به... فالقراءة أول أمر في كتاب الله، وهو أمر صادر من المولى عز وجل لبني الإنسان ليكملوا مهمة أبيهم آدم على الأرض، العلم والمعرفة ومحاربة الجهل والخرافات والأساطير. وللعلم أدواته المنطقية والتجريبية وغيرها. فلا علم بلا أدوات وبلا دليل.

    ولقد اكتشفت مؤخرًا أن معظم الناس ، حتى المتعلمين والمثقفين منهم لا يقرأون .. لماذا؟؟؟ بسبب (الخوف).. نعم (الخوف). فبالإضافة إلى عوامل مشتتة كثيرة تبعد الإنسان عن القراءة والاطلاع والبحث الدقيق من أجل الفهم والتعلم والمعرفة لحقائق الدين والوجود، فإن الخوف من المعرفة كان أهم تلك العوامل. الخوف من اكتشاف الحقيقة التي قد تكون بخلاف ما عاش الإنسان حياته معتقدًا إياها. الخوف من اكتشاف أننا كنَّا مخطئين.. وأن آبائنا وأجدادنا كانوا مخطئين... وأن بعض سلفنا الصالح كانوا مخطئين... (سواء بحسن أو سوء نية على جميع الأصعدة)... فالأخطاء كثيرة ومتراكمة.. وإذا اكتشف الإنسان تلك الأخطاء فسوف تتغير وجهة نظره للأمور وللحياة كلها.. وسوف يتغير الإنسان.. وهذا التغير قد يجر عليه ويلات اجتماعية واقتصادية وسياسية كبيرة.. فقد يضطر للهجرة (من مكة إلى المدينة) مجددًا.. ولذلك، فإن الغالبية العظمى من الناس الذين يخشون على ما اكتسبوه من مكاسب دنيوية لا يقرأون إلا ما يعزز تلك المكاسب فقط.. فهذه القراءة المتأنية والتدبر لآيات الله القرآنية والكونية تجعلهم يتغيرون فتتغير أقدارهم، ويُمتحنون في صدق إيمانهم، ويُبتلون بابتلاءات قد تُعكِّرَ عليهم صفوَ حياتهم الهادئة الهانئة المُترفة.

    ولذلك فهم يخافون من المعرفة.. ويخافون مما قد يترتب عليها.. فالمعرفة أقوى سلاح.. ولذلك يتم تجهيل شعوب بأكملها لتجريدها من أهم سلاح في الوجود.. ( المعرفة- Knowledge ) ...

    ونعود للسؤال الأول: كيف تعرف أن المعرفة التي لديك حقيقية وليست مزيفة؟
How do you know that your knowledge is true?  
****
صفاء الزفتاوي ، السبت 1 نوفمبر 2014




****
* تم نشر المقالة أيضًا على موقع شموس نيوز على الرابط التالي: هنا










Copyright Text

( اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه )