اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

السبت، 23 نوفمبر 2013

قصيدة: (الحب والألم)- بقلم: صفاء الزفتاوي


قصيدة ( الحب والألم)

تعليقًا على قصيدة الشاعرة الصديقة – ( ربا شعبان)

 

الحبُ والشِّعرُ والإِحساسُ والقلمُ... والألمُ...

فيضٌ من مشاعرِنا... وشاعِرُنا...

وشاعِرُنا تألَّقَ يوم أن قالَ... وقالَ اليومَ أشعارَا...

تَرِفُّ بِطرفِها المكسورِ من عَلٍ... تَزُفُّ إلينا أفراحًا بنشوتِهِ... بصُحْبَتِهِ...

وَتنْزِفُ ِمن مآقي القلبِ أزهارَا. ..

 لعلَّها يومًا تُلامِسُ كفَّ أحرارٍ فتلقَفُها، وتصنعُ من بِتِلَّاتِ الفُؤادِ دَواءَنا المَسْحُورِ. ..

 فَتَسْقِينا وتَشْفي كَلْمَنا الغَائِرِ في مَدَى الأَرْواحِ...

وتَرْقِينا فَنَسْمُو فوقَ كونِنا المَنْظُورِ...

نخرجُ من دوائِرِهِ...

ونَرْبُو فوقَ رَابِيةَ الرُّبا...

وَرُبا شَعْبانُ تَصْحَبُنا...

تُغَرِّدُ ... تَبْكِي وتَضحكُ... تُبْكِينا وتُضْحِكُنا...

 ونحنُ نطوفُ في ملكوتِ كَوْنِنا الفِعْلِيِّ. ..

بعيدًا عن سَفْسَطاتِ القومِ تَصْدَعُنَا وتُلْهِينا...

بعيدًا عن سخافاتِ الرُّويبِضَةِ الذي تكاثَرَ كالبُغاثِ بِأَرْضِنا ...

 فعاثَ الفقرُ في الأرواحِ... وصارَ القَزْمُ عملاقًا...

مَلَلْنَا... مَلَلْنا من دُموعٍ ذَرَفْناها بِلا ثَمَنٍ...

مَلَلْنَا من اِبْتِساماتٍ نُوَزِعُها... وهي غَاليةٌ...

على من يَلًوكَ لُحومِنا كَوِرْدِهِ اليومِيِّ بِلا كَلَلٍ...

مَلَلْنَا من عُرُوبَتِنا وأَمْجادٍ زَعَمْنَاها....

وهي غائبةٌ في صفحةِ التَّاريخِ كالوثَنِ...

فهل نُؤمِنْ؟ ... فهل نؤمنُ بأنَّنا جِيلٌ من الأَخطاءِ ... نَعْتَرِفُ.

ونَغْتَرِفُ من اِسْتِغفارِنا نَتْلُوهُ ليلَ نَهارْ...

 لَعلَّنا يومًا نَجِدُ السبيلَ لبابِ غُرْفَتِنَا المحجوزةِ في أَعَالي جِنانِ رَحْمانِ السَّمواتِ...

فَتَصْحَبُنا رُبا شَعْبانُ تَسقِينا من عُبابِ الحُبِّ، والرَّوْحُ والرَّيْحانُ يَلُفُنَا تحتَ ظِلِّ العَرْشِ نَبْتَسِمُ. ..

ونَبْتَهِلُ، وتَسْبَحُ أَرْواحُنا جَزِلَةْ...

وتَغْتَرِفُ؛ من رِضا الرَّحمنِ، تَرْتَشِفُ؛ مِن نُورِ الحبيبِ الأَعظمِ العُلْوِي، تَرْتَسِمُ؛ على الشِّفاهِ عَلاماتِ الفرحةِ الكُبرَى؛ أنْ قَدْ وَصَلْنا... فَيَا طائِرِي المَكْسُورِ جَناحَهُ فَلْتستريحَ الآن..

قَدْ آنَ لنا أن تُجْبَرَ كُلُّ أَجْنِحَةٍ كَسَرْناها وكَسَرَتْنا ...

ولْنَتْلُوا حِكايَتَنا مِنْ هَا هُنا...

تحتَ ظِلِّ العرشِ مَوْطِنُنا...

ولَنْ نقبلْ بَدِيلًا عنهُ مَوْئِلُنا...

 فيا شاعرًا تبكي على الأطلالِ ليستْ منازلَ العُشَّاقِ في دارِ الفَنا وَطَنَا...

فَقُمْ وانْفُضْ غُبارَ سَرابِكَ المَصْنُوعِ من عَدَمٍ ...

توضَّأ بِاسْمِكَ اللَّهُمَ ... واقرأْ تبارَكَ الذي أَسْرَى...

واتْرُكْ المَخْدُوعَ والخُدَّاعَ يَلْهَوْنَ بِلُعْبَتِهِمْ...

تعالً الآن واِسْبَحْ...

وقُلْ سُبْحانَ مَنْ سوَّاكَ مِنْ عَدَمٍ وأَسْجَدَ لكَ المَلَكُ.. والمَلَكُوتَ سَخَّرَهُ.

 فَيَا أنتَ..  هل تُدْرِكُ لِمَا أَنْتَ؟

وهذا سُؤَالُكَ المَفتُوحُ لا مِفْتاحُ لا قُفْلُ..

 فأنتَ القُفْلُ والمِفْتاحُ والمِزْلاجُ والبابُ والبَوَّابُ والحَرَسُ ...

 فانْظُرْ بِعَيْنِ القلبِ تَنْفُذْ...

انْفُذْ... انْفُذْ واُخْرُجْ مِنْ ثُقْبِكُ الدُودِيِّ وانْفُذْ...

 هَداكَ اللهُ، أَتْعَبْتَ الفُؤَادَ يا إِنسانَ لا يَعْلَمْ...

 فاعْلَمْ... اعْلَمْ... اعْلَمْ... هَدَاكَ اللهُ وتَعَلَّم.

              * * * * * * *
 

بقلم: صفاء الزفتاوي   19-11-2013

أنشودة المطر

 


أنشودة المطر   

الشاعر الراحل العراقي: بدر شاكر السياب
 
                                **************************

 

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر    





عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُ والضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر
كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..                           
  
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر                                                      
مطر
مطر
مطر
تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود" -
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر، المطر
أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –
هو المطر
ومقلتاك بي تطوفان مع المطر
وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ
بالنجومِ والمحار،
كأنها تهمُّ بالشروق
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار
أصيحُ بالخيلج: "يا خليج
يا واهبَ اللؤلؤ والمحارِ والردى"
فيرجع الصدى كأنّهُ النشيج:
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"
أكادُ أسمعُ العراقَ يذخرُ الرعود
ويخزنُ البروقَ في السهولِ والجبال
حتى إذا ما فضّ عنها ختمَها الرجال
لم تترك الرياحُ من ثمود
في الوادِ من أثر
أكادُ أسمعُ النخيلَ يشربُ المطر
وأسمعُ القرى تئنّ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيفِ وبالقلوع
عواصفَ الخليجِ والرعود، منشدين
مطر.. مطر .. مطر
وفي العراقِ جوعٌ
وينثرُ الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبعَ الغربانُ والجراد
وتطحن الشوان والحجر
رحىً تدورُ في الحقولِ… حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكم ذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوفَ أن نُلامَ - بالمطر
مطر
مطر
ومنذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر
مطر
مطر
في كلّ قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنّة الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكلّ قطرةٍ تُراقُ من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدتْ على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتيّ واهبِ الحياة
مطر
مطر
مطر
سيعشبُ العراقُ بالمطر
أصيحُ بالخليج: "يا خليج..
يا واهبَ اللؤلؤ والمحار والردى"
فيرجع الصدى كأنه النشيج:
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"
وينثرُ الخليجُ من هباته الكثار
على الرمال، رغوةَ الأجاج، والمحار
وما تبقى من عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردى
من لجة الخليج والقرار
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يرُبّها الفرات بالندى
وأسمعُ الصدى
يرنّ في الخليج:
مطر
مطر
مطر
في كل قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنةِ الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكل قطرةٍ تُراق من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدت على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتي، واهبِ الحياة
ويهطلُ المطرُ

Copyright Text

( اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه )