اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

الاثنين، 18 أغسطس 2014

معنى الإسلام من القرآن؟



معنى الإسلام من القرآن

 
 

ما هو تعريف الله سبحانه وتعالى للمسلمين في القرآن؟
 
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج-78]
 
من الناحية اللغوية أسماء العلم لا تترجم. ولذلك وردت أسماء أعجمية كثيرة في القرآن مثل إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وداود ويوسف وموسى وهارون دون أن تترجم إلى العربية. و نجد أن الإسم يتشابه في اللغة العبرية واليونانية واللاتينية والعربية مع بعض الاختلاف في النطق. مثلا في الآية السابقة إسم العلم الأعجمي إبراهيم لم يترجم من اللغة الأعجمية القديمة التي كان يتكلم بها قوم إبراهيم إلى اللغة العربية.
لغويا ومنطقيا أسماء العلم لا تترجم لأنها مجرد علامة ملصقة على ما تسميه ولا تدل على حقيقته. مثلا ممكن شخص إسمه أمين يكون حرامي. وممكن رجل إسمه مسلم يكون غير مسلم. وممكن شخص إسمه جمال يكون قبيح.  لذلك وجب التفريق بين أسماء العلم من ناحية والأسماء الحقيقية التي تربط المعنى بحقيقة ما تسميه من ناحية أخرى.  لذلك نجد أسماء علم مثل حسني مبارك أو جورج بوش لا تترجم ولا تدل على حقيقة المسمى بهذه الأسماء. هي مجرد أسماء أسماهم بها أباؤهم ولا علاقة لها بحقيقة هؤلاء الأشخاص.
 
من ناحية أخرى نجد أن لفظ المسلمين ترجمه الله من لغة قوم إبراهيم إلى العربية لغة قوم الرسول. إذا لفظ المسلمين ليس مجرد إسم علم ولكنه وصف حقيقي لطبيعة هذه الجماعة من الناس. كلمة إسلام هي مصدر على وزن إفعال مثل إصلاح أو إنجاح وهي تدل على إفعال إسم المصدر الذي على وزن "فَعال". و لذلك الإصلاح إفعال الصلاح والإنجاح إفعال النجاح والإسلام إفعال السَلام. كلمة المُسلِمين على وزن "مُفعِلين" وهم المُفعِلين للسلام مثل أن المُصلِحين هم المُفعِلين للصلاح والمُنجِحين هم المُفعِلين للنجاح والمُفسِدين هم المُفعِلين للفساد.
 
 فَعَل      فَعال         مُفْعِل         أَفْعَل         إفْعال  
فَسَد      فَساد         مُفْسِد        أفْسَد         إفْساد  
صَلَحَ     صَلاح       مُصْلِح       أَصْلَح         إصْلاح  
سَلَمَ       سَلام        مُسْلِم         أَسْلَم         إسْلام  
 
"إسلام" على وزن "إفعال" تعني إفعال السلام. وكل الناس بالفطرة تعلم معنى إفعال السلام والهدف منه.
 الدين عند الله الإسلام، معناه أن الفرض الذي ندين به لله هو إفعال السلام. وبـإفعال السلام نصون الأمانة التي اختصنا الله بها وهي خلافة الأرض - أي قيادة الأرض:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة-30]
والجميع بالفطرة يعلم أن إفعال السلام هو عكس إرتكاب جريمة الإفساد في الأرض وسفك الدماء.
 
 (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) [البقرة-31-33]
 
الله سبحانه وتعالى علمنا الأسماء الحقيقية ولذلك نعرفها جميعا بالفطرة وذلك هو الذي يعيننا في مهمتنا و حمل الأمانة. على سبيل المثال جميع البشر على اختلاف نشأتهم ومجتمعهم يعرفون مفهوم السلام ويعلمون بالفطرة أنه شيء جيد وأن إفعال السلام (أي الإسلام) فعل حسن. و هو إسم حق أي مفهوم إنساني علمه الله لكل الناس ويظهر فطريا في كل الحضارات حتى التي لم يكن عندها اتصال ببعض. والإسلام ليس فكرة جديدة ولكنه مفهوم معروف عند أهل الكتاب وذكر كثيرا في كتبهم. على سبيل المثال:
 
 وَالْبِرُّ هُوَ ثَمَرَ ةُ مَا يَزْرَعُهُ فِي سَلاَمٍ الْمُسْلِمون. [ﻳﻌﻘﻮﺏ 3:18]
 
بهذا المفهوم تعالوا نتدبر مرة أخرى الآية 78 من الحج:
 
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِي)رُ [الحج-78]
 
الآية الكريمة تتحدث عن سببين لتسميتنا بالمسلمين: أولا ليكون الرسول شهيدا علينا وثانيا لكي نكون شهداء على الناس. وبطبيعة الحال الشاهد وظيفته وواجبه الأساسي هو أن يشهد الحق في حالة حدوث خلاف. إذا السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي القضية التي فيها اختلاف؟
 
القضية موضع الخلاف مذكورة في أول الآية الكريمة. حين يقول الله "جاهدوا في الله حق جهاده" فهذا يعني بالضرورة أن هناك جهاد حق و جهاد باطل. إذا القضية هي الخلاف بين الجهاد الحق والجهاد الباطل. و بالتالي الله سبحانه وتعالى سمانا المسلمين في رسالته التي يبـلغها رسوله لكي يحسم تلك القضية. حيث أن الرسول من خلال الرسالة يشهد أن إسمنا المسلمين وبذلك سوف يكون شهيدا علينا ونكون شهداء على الناس فيما يتعلق بالجهاد الحقيقي في مقابل الجهاد الباطل. بالتالي لا يمكن أن نفسد في الأرض ونسفك الدماء وندعي أننا نفعل ذلك للجهاد في سبيل الله. في هذه الحالة إسمنا كمُسلِمين يعني مُفعِلين للسلام يدحض أي تبرير للفساد في الأرض وسفك الدماء بحجة الجهاد في سبيل الله. وفهمنا الصحيح لمعنى إسم المسلمين يجعلنا أيضا شهداء على كل من يفسد في الأرض ويسفك الدماء بحجة الجهاد في سبيل الله.
 
منذ بدء التاريخ وحتى يومنا هذا كثير من الدماء تستحل وتسفك والجرائم ترتكب والحروب تشتعل بحجة الجهاد في سبيل الله. كل هذا يتنافى مع الهدف الأساسي الذي جعلنا الله من أجله خلفاء في الأرض. واسمنا كمُسلِمين أو مُفعِلين للسلام هو البوصلة التي نستطيع أن نقرأها بما علمنا الله من الأسماء الفطرية وترشدنا إلى الجهاد في الله حق جهاده.
 
 الجهاد الحق ¬ إفْعال السلام ¬ الإسْلام
 
إفعال السلام أي الإسلام ليس مجرد إسم علم ندونه على البطاقة ولكن هو مهمة يجب علينا تنفيذها لكي نؤدي أمانة الخلافة في الأرض.
 
 (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم-30]
 
 والمجرم الذي يفسد في الأرض بـعمله وقوله الذي لا ينشر السلام بين الناس هو عكس المُسلِم المُفعِل للسلام:
 
 (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) [القلم-35]
 
 الإسلام ليس مجرد إسم علم يدون في شهادة الميلاد أو البطاقة. وهو ليس كما يظن البعض مجرد طقوس يقوم بها الناس بينما في نفس الوقت يحلون الإفساد في الأرض وسفك الدماء بإسم الدين. الإسلام هو إفعال السلام وبالتالي كل مُفعِل للسلام هو مُسلِم. ومن جهة مقابلة من لا ينشر السلام في الأرض أو يفسد فيها ويسفك الدماء أو يشجع هذه الجرائم أو يسكت عنها فهو ليس بمُسلِم.


#منقول.   
                                                                                                              (صفاء الزفتاوي- 19-8-2014)




 

هناك تعليقان (2):

  1. اجتهاد مقبول و لكن فيه ملاحظات مني. الجيد منه التحليل اللغوي لفكرة الاسلام و لكن حصر تعريف الاسلام في إفشاء السلام بدعوى هو المعنى في القران فيه قصور. فماذا عن قوله تعالى : "ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين و بذالك أمرت و أنا اول المسلمين" و قوله:"بلى من اسلم وجهه لله و هو مؤمن ..." مشيرا الي ان الاسلام هو الانقياد و الخضوع بكامل الكيان القلبي و العملي و الروحي لله الذي لا معبود بحق الا هو الذي هو توحيد الربوبية. ثانيا حينما نقول ان هذا هو التعريف في القران ، هذا الكلام نعني به هو كلام الله و قصده بل تعريفه لالفاظه. ا ليس كذالك؟ اذا لا بد ان نبذل جهدنا في جميع القران و السنة الصحيحة قبل استنباطها لخلاصة القول في القضية. اخيراً إشارتك الي ان المسلم الحقيق هو المحب للسلام و ليس للجهاد (و قصدت القتال و هناك فرق كبير) فالجهاد أوسع و اشمل من القتال و القتال مشروع في ديننا و من ضمن المعنى الشامل لفكرة الاسلام. يا اختنا مع كل هذا أقول فاني معجب جداً بجهودك العلمية و الدينية و عليك باستمرار علاما انت عليه و بارك الله فيك. والسلام عليكم.

    ردحذف
  2. أشكرك أستاذ مالك على تعليقك القيم، والمعاني التي أضفتها للموضوع وهي موضع تقدير واعتبار، وهذا المقال (منقول) وليس من اجتهادي، ولكن أعجبني التحليل اللغوي فيه لكلمة (الإسلام)، ولكن صدقت فيما قلت، يجب التدقيق أكثر وجمع كافة المعلومات من اقرآن والسنة الصحيحة والمعاني اللغوية حتى يكتمل الموضوع، وربما يعينني الله على ذلك فهو نعم المولى ونعم الوكيل.

    ردحذف

Copyright Text

( اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه )