اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

الأربعاء، 8 يوليو 2015

القضاء والقدر

القضاء والقدر:
__________

(اصنع قدرك بيديك)


يقول الدكتور محمد شحرور: ( إن القضاء هو حركة بين نفي وإثبات، أما القدر فهو وجود.

للتوضيح أكثر، دعني أضرب لك بعض الأمثلة: مثلاً إذا اجتمع أهل الأرض جميعهم، الصالح والطالح منهم، وطلبوا من الله أن يُلغي ظاهرة الموت، فهل سيستجيب الله لطلبهم؟ بالطبع لا، إذاً ظاهرة الموت مخزَّنة في اللوح المحفوظ، بمعنى ما هو مخزَّن في اللوح المحفوظ غير قابل للدعاء، وفي النهاية الله لا يتدخل إلا من خلال كلماته. 

ومن هنا نفهم قوله: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا}[التوبة : 51]. وجعلها بالجمع وليس بالمفرد، وقال: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}[الذاريات : 22]، كذلك وضعها بالجمع وليس بالمفرد. مثال آخر: ميزانية سورية معروفة سلفاً، لكن توزيع هذه الميزانية من قبل أشخاص على أشخاص، يقوم على مبدأ الاحتمال، تماماً مثلما قال: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}[الذاريات : 22].

هذا منطق سليم، لكن هل وزّع الأرزاق لكل شخص بعينه، أي أن لكل شخص رزقاً محدداً دون غيره؟ بالتأكيد لا، لأن ذلك يلغي فضل العمل والجدّ فيه ويلغي مفهوم الصدقة.

والله كتب المرض على الناس، وثمة قائمة بالأمراض التي يمرض بها الإنسان من (سل، سرطان، تيفوئيد، ذات رئة، سعال ديكي…الخ) ونحن نعرف أننا لن نمرض إلا بمرض من هذه الأمراض، لأنه لا يوجد غيرها! من هنا أقول إن الله لم يحدد لنا مرضاً بعينه سنمرض به دون سواه، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ}[الحديد : 22].

ماذا سنقول إذا كانت المصيبة قد وقعت نتيجة حادث سيارة؟ ثمة كتاب يحتوي على كل الاحتمالات التي تسبب مصيبة حادث السيارة، فإما أن يكون السبب عطلاً في السيارة أو في الطريق أو في السائق، بمعنى كل الاحتمالات الموجودة في كتاب الحادث واردة. (منفعلاً) والهزيمة مصيبة، واحتمالاتها وأسبابها موجودة في كتاب الهزيمة، ونحن هزمنا أكثر من مرة، فلماذا لا ندرس كتاب الهزيمة؟ أي شيء في الطبيعة يُفرض علينا تجب علينا دراسة عناصره لأنه كتاب، وإذا لم ندرس تلك العناصر فلن نصل إلى شيء)....


ويتساءل أحد المعلقين -(علي المطيري- الرياض)- على المقال قائلًا:
( أنا مؤمن بفكرة الدكتور شحرور بالقضاء والقدر وأرى أنها هي الأقرب للواقع ولاكن في نقاشي مع احد الزملاء الذي يؤمن بالفكره التقليده للقضاء والقدر التي تقول ان الله كاتب كل شيء منذ الأزل, طرح علي سؤال بعد ما ناقشته بنظريتك قال بما أن الإنسان مقدر له احتمالات كثيرة و يختار مابين الاحتمالات هذه هل الله يعلم اختياره ويعلم اختياراته في المستقبل؟ )


ويرد عليه قارئ آخر للمقال - ( مهدي الكبيسي) - قائلًا:
(اريد ان ابين رايا يخص الاجابة على هذا السؤال الكبير  …. فالجواب يحتمل  اجابتين...

الأولى: هي  أن الله يعلم ماذا سيختار الإنسان في المستقبل:

وعلم الله في هذه الحال يعني ان حصول هذا الخيار  في المستقبل هو أمر حتمي… لامناص منه  ….  وهذا سيقودنا الى …ان الانسان لاخيار له  لان الخيار سيكون محدد سلفا   وهذه الاجابة تلغي ارادة الانسان في  الاختيار  فينتفي  عدل  الله في حسابه  وحاشا لله….فنصل بالنتيجة الى ان هذه الاجابة  خاطئة … لايمكن قبولها.
اما الاجابة الثانية فهي ان الله  لايعلم  ماذا سيختار الانسان في المستقبل ….
وهذه الاجابه  سيراها كثير من الناس  غير جائزة لان  فيها تجرأ  غلى الله ورميه بنقص العلم … وحاشا لله وسبحانه وأنزهه من كل نقص، وقبل أن أبين أي الإجابتين  هي المقنعة بالنسبة لي  ….. لابد لي من مقدمة منطقية أرتب فيها الافكار …

فأقول:

لابد أولًا ….. أن نفصل بين القدرة الإلهية والإرادة الإلهية ونفرق بينـهما
فالله على كل شيء قدير وهو القادر  المقتدر على كل شيء... بشهادة القرآن.
وهو أيضًا فعالٌ لما يريد … بشهادة القرآن.
وبناءً عليه…. بمكننا القول …. أنه سبحانه ليس فعال لكل ما يقدر عليه…. وإنما هو يفعل ما يريد حصرًا.
مثلًا:
لو سُئل سائل … هل أن الله قادر على أن يهدي الظالمين … وهل هو قادر على أن يهدي من هو مسرف كذاب …. الجواب  نعم……. لأن الله على كل شيء قدير
السؤال الآن …. هل يهدي الله الظالمين  وهل يهدي من هو مسرف كذاب … الجواب   لا………..  مصداقا لقوله تعالى:

(……..إن الله لايهدي القوم الظالمين) 51 المائدة.

(…….إن الله لايهدي القوم الكافرين) 67 المائدة.

(إن الله لايهدي من هو مسرف  كذاب)28غافر.

إن الله القادر على كل شيء هو نفسه لم يرد أن يهدي القوم الظالمين والكافرين ولا يريد أن يهدي من هو مسرف كذاب، أي أن الله وضع لنفسه سنة في تطبيق قدرته وكتب على نفسه عدم هداية هؤلاء بإرادته.

ولكن إذا أراد الظالمين أنفسهم أن يهديهم الله فهل هم قادرين على ذلك الجواب؟ نعم ….   عليهم أن يتوبوا عن الظلم والكفر وأن يتوبوا عن الكذب والإسراف ….. أي أن يغيروا خياراتهم من الخيارات السيئة الى الخيارات الحسنة …. فهم اختاروا الظلم والكفروالكذب والإسراف بإرادتهم وهم مخيرون في تغييرها بالخيارات الأفضل وعندها يكونون من الذين يمكن أن يهديهم الله.

وعلى نفس الغرار لابد أن نفصل بين العلم والإرادة الإلهيه ونفرق بينهما.
فالله سبحانه وتعالى  بكل شيء عليم وهو عالم الغيب والشهادة  بشهادة آي التنزيل الحكيم، ولكنه هو من أراد أن لايعلم بعض الأمور إلا بعد وقوعها ….  لأنه إذا علمها يسقط الخيار الإنساني أما إذا أجَّل علمه بها لحين وقوع الخيار الإنساني فسيتحقق عدله  يوم الحساب.

   ومثالنا على ذلك الايات التالية:

(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايُفتنون* ولقد فتنَّا الذين من قبلهم فليعلمنَ الله الذين صدقوا وليعلمنَ الكاذبين ) 3 العنكبوت.

والآية واضحة وصريحة فالله وضع الناس تحت الامتحان ليعلم خياراتهم لاحقًا ولو كان الله يعلم مسبقا ماهي خياراتهم لكن الامتحان والفتنه التي يجريها الله للناس نوع من العبث وحاشا لله
(ثم بعثناهم لنعلم اي الحزبين احصى لما لبثوا امدا)12 الكهف …. والاية تشير بوضوح الى ان الله بعثهم واراد ان يعلم خياراتهم في احصاء المدة التي لبثوها ومن العبث ان نقول ان الله كان يعلم كل فريق ماذا سيحصى من امد اللبث مسبقا ثم يقوم بهذا الاختبار
(…..وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله……)143 البقرة
اي ان الله جعل القبلة الاولى ثم غيرها الى الكعبة اختبارا منه ليعلم من يتبع الرسول ومن سينقلب على عقبيه وفعلا هناك من تبع الرسول وهناك من تقوًل عليه كما وصل الينا في الاثر في قصة تغير وجهة النبي وقبلته في الصلاة.
خياراتهم ويحاسبهم عليها لا يحق لنا ونحن نقرا هذه الايات ان نقول ان في علم الله نقص ولكنه اراد ان يمتحن الناس ….ومن ثم سيعلم ماذا اختاروا ولهذا فقد كلف الكرام الكاتبين من الملائكة…. ليكتبوا خيارات الناس سيئها وحسنها   ولو كانت هذه الخيارات مكتوبه مسبقا فلا مبرر لهؤلاء الكاتبين ووجودهم عبثي
واخيرا … سيكون جوابي على سؤالك الكبير يا اخ هو ….ان الله قد لا يعلم خيارات الناس المستقبلية
وانا مقتنع في سري وسريرتي.. … وبكل ايمان بالله وقدرته وارادته وعدله …وأؤمن انه ليس بالضرورة ان يعلم الله خياراتي المستقبليه وهي مسؤوليتي التي احاسب عليها واذا اراد الله ان يعلم بشيء من خياراتي فهو قادر على ذلك فاذا علمها فهو قادر ايضا على ان يمحو خياراتي او يثبتها اذا اراد . … (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب) الرعد 39
اما من يفهم من كلامي ان فيه رميا لله بنقص في العلم والقدرة او الارادة فانه يقرا ما في سريرته هو والله اعلم بالسرائر )...
# منقول... ومطروح للمناقشة.. (فقط لمن له علم ودراسة لعلوم الدين وفلسفة الدين) ..
ورأيي ببساطة هو :
( أنت من تصنع قدرك، وليس الله. قدرك هو اختياراتك تجاه اختباراتك في الحياة. الاختبارات هي القضاء، والقدر هو اختياراتك وأفعالك تجاهها)..


(صفاء الزفتاوي)


مقالات متعلقة:


http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=4268


https://www.youtube.com/watch?v=qawR_0K8Gc4


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Copyright Text

( اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه )