كاتبة وباحثة في مجال اللغة العربية والدراسات الإسلامية والتربوية وأدب الأطفال.
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

الخميس، 6 نوفمبر 2014
كيف تحكم على الإنسان؟ لماذا أستمع لعدنان إبراهيم؟
*** سألني بعض الأخوة الأفاضل، لماذا أنتِ مهتمة بالاستماع لعدنان إبراهيم؟؟؟
وبالنسبة لهذا العالَم الذي نعيش فيه لا تعطي الثقة الكاملة لأي عالم دين أو مذهب.. فالكل له وجهات نظر تتعصب للمذهب، وليس للإنسان، والدين جاء لسعادة الإنسان وإرشاده وليس لنصرة مذهب على مذهب.
*****
الاثنين، 3 نوفمبر 2014
نظرية المعرفة والعلوم الإسلامية (2)
نظرية المعرفة والعلوم الإسلامية (2)
Theory of Knowledge and Islamic Sciences
(الغافلون)
***
إن القول الشائع : (القانون لا يحمي المغفلين) صحيح، وكذلك قوانين الله في الكون والطبيعة (لا تحمي الغافلين).
***
اللهم ارزق أمتك نعمة استخدام العقل الذي أصابه الصدأ والعته من طول ركنه وعدم استخدامه.
إن القول الشائع : (القانون لا يحمي المغفلين) صحيح، وكذلك قوانين الله في الكون والطبيعة (لا تحمي الغافلين).
كم سألنا الله ولكنه لم يستجب لنا؟؟ كم دعونا ودعونا ودعا إمام الحرمين وأمَّن الحجاج، وكل أئمة الأرض في مساجدهم كم دعوا وأمَّن الطيبون خلفهم.. لماذا لم يستجب لنا الله؟؟ هل مرَّ هذا السؤال بخاطرنا يومًا وأبكانا وأيأسنا؟؟ أين أنت يا الله؟؟؟
وإجابتي التي اكتشفتها مؤخرًا بعد طول عناء وسؤال لنفسي ولغيري وصرخت بأعلى صوتي : وجدتها .. وجدتها .. وبقدر ما قتلتني .. بقدر ما أعادت لي ثقتي بربي وإيماني به....
الله لا يفعل لنا .. ولا بالنيابة عنَّا .. ولا يفكر لنا ويدبر لنا وينصرنا على أعدائنا مهما رفعنا الأكف للسماء ضارعين، ومهما ابتهلنا وذرفنا الدمع والدماء متوسلين خانعين... القانون لا يحمي المغفلين... والله لا يحمي الغافلين. فعندما نعود لإنسانيتنا التي أرادنا الله لها وخلقنا لأجلها، ونستخدم عقولنا التي ميزنا بها، ونفكر ونتدبر ونخطط، ونُعمل كل إمكانياتنا الممنوحة إلينا من الخالق،ثم نطلب التوفيق من الله، وقتها نجد المدد والعون منه، ومن كل دابة في الأرض والسماء، وقتها نستطيع تسخير الكون كله للدفاع عن قضية الحق. وكل قضايا الحق. لا ترفع يدك للسماء إلا من بعد أن تبذل كل وسعك إلى آآآآآآآآخر مداه. وقتها فقط يُستجابُ لك.
سألني أحد طلابي اليوم (من الصف السادس)، ولد صغير فلسطيني متحمس، وناقم على اليهود والإسرائيليين، قائلًا: لماذا لا ينصرنا الله على الإسرائيليين.. فقلت له: الله لا ينصر الأغبياء، فقال لي (معتقدًا أنني أسب الإسرائيليين) ولكنه نصرهم علينا.. فقلت له: نحن الأغبياء وليسوا هم.. فلماذا ينصرنا.
نحن من ندمر أنفسنا ونتواكل على الله، نحن من نبيع أراضينا، وينتشر الجهل والفقر وسوء الإدارة والفساد الأخلاقي والاقتصادي بكل مكان في بلادنا، فكيف ننتصر وبماذا، لقد هزمنا أنفسنا.. فلماذا ينصرنا الله .
نحن من ندمر أنفسنا ونتواكل على الله، نحن من نبيع أراضينا، وينتشر الجهل والفقر وسوء الإدارة والفساد الأخلاقي والاقتصادي بكل مكان في بلادنا، فكيف ننتصر وبماذا، لقد هزمنا أنفسنا.. فلماذا ينصرنا الله .
تدبروا آيات الله التالية ، واستنتجوا لماذا حق القول على هؤلاءالقوم: (استحقوا العقاب)؟
يقول الله تعالى في سورة يس:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
( يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ(6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(10) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ(11) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)).
صدق الله العظيم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
( يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ(6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(10) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ(11) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)).
صدق الله العظيم.
لماذا حق عليهم القول؟ ولماذا لم يؤمنوا؟ ولماذا جعل الله في أعناقهم أغلالًا في الدنيا (مصائب ومشاكل وكوارث... إلخ)، وفي الآخرة (ستكون أغلالًا حقيقية)؟ لماذا وضع الله السدود من بين أيديهم ومن خلفهم، فأغشاهم فلم يعودوا يبصرون الحق ، ولا يستطيعون فهم الرسالة، مهما بذل الرسول من الجهد لإنذارهم، (لأنهم كانوا غافلين) مستمرئين الضلال والجهل والغباء .. فاستحقوا أن يظلوا فيه وأن يزيده الله عليهم فيعمي أبصارهم أكثر من عماها الموجود ..
وبالمقابل ، من يستحق الإنذار ويستجيب له؟
( إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)
الذين يتبعون القرآن (الذكر) ويخشون الله، ويتدبرون وينفذون أوامر الله التي أمرهم بها في القرآن، ويفهمون رسالته الحقيقية، هؤلاء فقط من يستحقون الإنذار ويستجيبون له وينتصرون به.
صفاء الزفتاوي 17-11-2014
http://www.shomosnews.com/-theory-of-knowledge-and-islamic-sciences.html
السبت، 1 نوفمبر 2014
نظرية المعرفة والعلوم الإسلامية (1)
نظرية المعرفة والعلوم الإسلامية (1)
Theory of Knowledge and Islamic Sciences
** How do you know that your knowledge is true ?
** Theory of knowledge ( TOK) ..
** نظرية المعرفة وفلسفة العلوم الإسلامية ومصادر التشريع الإسلامي..
**الدين والتاريخ والوحي .
** العلوم الإسلامية بين الوهم والحقيقة.. ( العلم الزائف ) .
هل السنة وحي ؟ وما المقصود بالسنة ؟ وما حجية السنة ووضعها بالنسبة للقرآن؟
كيف تتحقق من صدق الدليل .. وصلاحيته للاستدلال به ؟
من هم القرآنيون الجُدُد؟ هل هم طائفة واحدة أم عدة طوائف واتجاهات ومذاهب مختلفة؟
من هم العقلانيون؟
هل أن تنسب إلى القرآن وأن تعمل عقلك وتتدبر وتجتهد كما أمرك الله سبة واتهام ؟ أم أنه اجتهاد ؟ وما ضوابط وحدود الاجتهاد وشروطه؟
كيف يمكن تحريف وتزييف القرآن ؟ ( يحرفون الكلم عن بعض مواضعه) ... اقتطاع الآيات من سياقها والاستشهاد بها في غير مقصودها .. تحريف.
** العلوم الإسلامية بين الوهم والحقيقة... العلم الحقيقي والعلم الزائف.
****
موضوعات متعددة تستحق البحث والدراسة لكي نتأكد من صدق معارفنا وعقائدنا التي نبني عليها حياتنا الدنيا والآخرة.
هل وقعنا نحن المسلمون الآن فيما وقع فيه أهل الكتاب من قبلنا .. من تحريف لأوامر الله .. وإضافة آرائنا وتوجهاتنا الشخصية وعاداتنا وتقاليدنا المرتبطة بالبيئة والظروف الاجتماعية والسياسية وغيرها للدين واعتبارها جزء منه .... هل أصاب ديننا التحريف في بعض جوانبه .. ولماذا أصبحنا غثاء كغثاء السيل تتكالب علينا الأمم ؟ ولماذا أصبح بأسنا بيننا شديد .. ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) ؟
هل ما ينزل بالعالم الإسلامي من فتن وأهوال علامات رضى الله علينا أم سخطه علينا ؟ وما السبب؟ وما العلاج ؟
المعرفة أقوى سلاح .. ولذلك يتم تجهيل شعوب بأكملها .. ومنهجية التجهيل والحرب القائمة ضد الإسلام قائمة منذ قرون.. ليست منذ 30 سنة كما يظن البعض في مصر وبعض البلاد العربية، ولكنها منذ أن ظهر الإسلام وهاجر الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة، ومن وقتها واليهود يكيدون له ولأمته.. وبدأوا ببث سموم الفساد فكل الأوساط العلمية والثقافية والسياسية و(ألبسوها) زي الدين... وإلى الآن ما زالت الخطة قيد التنفيذ... الموضوع أقدم مما يتصور الكثيرون... بل هو على البُعد الأقصى .. يبدأ يوم أن أمر الله( سبحانه وتعالى) الملائكة بالسجود لآدم، فاحترق (عزازيا) حقدًا وغلًا، وشاطَ، وأصبح (شيطانًا) ... ومازالت المؤامرة قائمة.
لقد تحدى الله ملائكته عندما اعترضوا على خلق آدم - عليه السلام- وعلى الهدف من خلقه (الخلافة في الأرض). فقد كان الهدف خلافته لله في الأرض وإعمارها وليس تدميرها، وليس العبادة والصلاة ليل نهار، ولكانت الملائكة أمهر منه في ذلك، ولكنه خُلِق للأرض، وأعطاه الله سبحانه وتعالى المقومات والإمكانات اللازمة لأداء مهمته الأرضية والتي لم تفهم الملائكة- رغم شفافيتهم ونورانيتهم الحكمة من ذلك. ثم علمه الله الأسماء كلها، أسماء الأشياء أو أسس العلوم الكونية على اختلاف أقوال المفسرين، ثم أقام الله بينه وبين الملائكة مسابقة في العلم والمعرفة، وليس في العبادة ، ففاز فيها آدم، لأنه خُلق لذلك، للعلم والمعرفة وإعمار الكون، والعبادة أحد تلك الأدوات التي زوده الله بها والتي تعينه على مهمته، فبالعبادة يستطيع أن يتقوى على كل المصاعب وتتطهر نفسه ويتذكر الله دائما فيتذكر سبب وجوده ويجتهد في تنفيذ مهمته، فالعبادات والأخلاقيات وسائل لرياضة النفس وتهذيبها وشد عزيمتها، وليس لتسخيرها للعبادة فقط، أو إذلالها، أو تخويفها.
إن العلم والمعرفة ، هما مهمة آدم في الأرض، وهما أول ما أمره الله به، فإذا أردنا تغيير وجه الحقيقة، فلنوهم الإنسان بأنه خُلِق للعبادة بمعناها الضيق فقط ، الصلاة والصيام والحج، و... إلخ. تلك عبادات تخص الإنسان وحده، كأنها فيتامينات الإيمان التي يتناولها فتقويه لأداء مهمته الأصلية في الكون.
والإنسان أقوى من الملائكة وأقوى من الشياطين، لو فهم حقيقة نفسه، ووعاها جيدًا.. فلقد سجدت له الملائكة، وذلَّت له الشياطين، وهو القادر (بإذن الله وعونه) بإيمانه وذكائه على الانتصار على الشر ومواصلة طريق الإعمار والعلم والمعرفة والخير ، ولكن إذا فهم حقيقة رسالته في الكون، ولم ينخدع بخدع الشيطان ويسير وراءه وعلى خطواته مغمض العينين، وبالفعل فالشيطان دائمًا ما يزين كل شيء قبيح بغلاف خادع مزخرف. (زُخْرُف القول). فقد يغلفه بالدين، فيضل الإنسان وهو يظن أنه يحسن عملًا.
ولقد عَمِد المغرضون عبر قرون إلى سد منافذ النور الذي أرسله الله إلينا عبر رسوله الكريم (محمد صلى الله عليه وسلم) وهو (القرآن)، بكثرة التفاسير والتأويلات والأحاديث الموضوعة والمدسوسة والمكذوبة وغيرها، حتى بعض الأحاديث التي نظن أنها صحيحة قد نجدها تتعارض مع بعض صريح القرآن، وبالتالي فأصلها مشكوك فيه، حتى لو اجتمع أهل الأرض جميعًا على تصحيحها، فقد كان هناك من المتخصصين في تأليف الأسانيد الصحيحة لمتون غير صحيحة، ولكلام غير صحيح ليوهموا حتى علماء الأحاديث بأن السند صحيح إذن فالمتن ( نص الحديث) صحيح.
ولكن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " (8) سورة الصف.
أما العلم والمعرفة الحقيقيين فطريقهما صعب جدًا وليس سهلًا، والباحث المتجرد من الأهواء ومن الثوابت التي فرضت عليه سابقًا على أنها الحقائق الوحيدة يشترط له شرطين مهمين للبحث العلمي وللوصول إلى الحق، وهذين الشرطين شرحهما بالتفصيل (ابن قيم الجوزية في كتابه الفوائد ، والذي يعتبر بصيص نور في غياهب الظلام التي أحاطت بالمسلمين في عصره، مع أنه هو وأستاذه ابن تيمية حاولا الإصلاح، ووصفا بعض العلاجات والأدوية لبعض الجروح، ولكنهما لم يتمكنا من الوصول إلى أصل المرض العضال والجرح العميق القاتل في جسد الأمة) وهذين الشرطين للباحث المتجرد الباحث عن الحقيقة هما :
(1)- الإستعانة باالله سبحانه وتعالى، والتوكل عليه، والثقة به.
(2)- التجرد من الطمع والفزع، ويستعين على التجرد من الفزع والطمع، بالشرط الأول وهو : التوحيد لله والتوكل عليه والثقة به. وليعلم أنه لا يأتي بالحسنات إلا هو ، ولا يأتي بالسيئات إلا هو، وأن الأمر كله لله، وليس لأحد مع الله شيء.
لقد كان أول أمر للإنسان المسلم في كتاب ربه العزيز، وفي رسالته للعالمين : (اقرأ)، فلم يأمره بالصلاة ولا الصيام ولا حتى التوحيد ونبذ الشرك والخرافات، بل أمره بالقراءة، لأن القراءة هي مفتاح العلم والمعرفة، فلو قرأ الإنسان (باسم ربه) ، مستعينًا بربه ومتوكلًا عليه، ومتجردًا من أهوائه وأطماعه في المنصب والجاه والمال، والذي يسعى إليه معظم من يقرأون، أي أنهم يتعلمون ويدرسون ويحصلون على أعلى الشهادات لينالوا بها الوظائف والمناصب، لا لينالوا بها شرف المعرفة والعلم، وكذلك يتجرد من الفزع، أي من الخوف على فقد حياته أو ماله أو منصبه أو جاهه الذي اكتسبه في الحياة الدنيا إذا قرأ وعرف الحق وصدع به... فالقراءة أول أمر في كتاب الله، وهو أمر صادر من المولى عز وجل لبني الإنسان ليكملوا مهمة أبيهم آدم على الأرض، العلم والمعرفة ومحاربة الجهل والخرافات والأساطير. وللعلم أدواته المنطقية والتجريبية وغيرها. فلا علم بلا أدوات وبلا دليل.
ولقد اكتشفت مؤخرًا أن معظم الناس ، حتى المتعلمين والمثقفين منهم لا يقرأون .. لماذا؟؟؟ بسبب (الخوف).. نعم (الخوف). فبالإضافة إلى عوامل مشتتة كثيرة تبعد الإنسان عن القراءة والاطلاع والبحث الدقيق من أجل الفهم والتعلم والمعرفة لحقائق الدين والوجود، فإن الخوف من المعرفة كان أهم تلك العوامل. الخوف من اكتشاف الحقيقة التي قد تكون بخلاف ما عاش الإنسان حياته معتقدًا إياها. الخوف من اكتشاف أننا كنَّا مخطئين.. وأن آبائنا وأجدادنا كانوا مخطئين... وأن بعض سلفنا الصالح كانوا مخطئين... (سواء بحسن أو سوء نية على جميع الأصعدة)... فالأخطاء كثيرة ومتراكمة.. وإذا اكتشف الإنسان تلك الأخطاء فسوف تتغير وجهة نظره للأمور وللحياة كلها.. وسوف يتغير الإنسان.. وهذا التغير قد يجر عليه ويلات اجتماعية واقتصادية وسياسية كبيرة.. فقد يضطر للهجرة (من مكة إلى المدينة) مجددًا.. ولذلك، فإن الغالبية العظمى من الناس الذين يخشون على ما اكتسبوه من مكاسب دنيوية لا يقرأون إلا ما يعزز تلك المكاسب فقط.. فهذه القراءة المتأنية والتدبر لآيات الله القرآنية والكونية تجعلهم يتغيرون فتتغير أقدارهم، ويُمتحنون في صدق إيمانهم، ويُبتلون بابتلاءات قد تُعكِّرَ عليهم صفوَ حياتهم الهادئة الهانئة المُترفة.
ولذلك فهم يخافون من المعرفة.. ويخافون مما قد يترتب عليها.. فالمعرفة أقوى سلاح.. ولذلك يتم تجهيل شعوب بأكملها لتجريدها من أهم سلاح في الوجود.. ( المعرفة- Knowledge ) ...
ونعود للسؤال الأول: كيف تعرف أن المعرفة التي لديك حقيقية وليست مزيفة؟
How do you know that your knowledge is true?
****
صفاء الزفتاوي ، السبت 1 نوفمبر 2014
****
* تم نشر المقالة أيضًا على موقع شموس نيوز على الرابط التالي: هنا
الجمعة، 10 أكتوبر 2014
The impact of foreign children's movies (cartoon / animation) on the faith and values of the Muslim child in the light of the educational goals of the story in the Quran - MA In Islamic Studies
My brothers and sisters, Assalamu Alaikum Wa Rahmatu Allah Wa Barakatu.
Finally I finished the discussion and got a master's degree (Distinction) in (Contemporary Islamic Studies) from Zayed University in Abu Dhabi.
The topic of my Master was:
Finally I finished the discussion and got a master's degree (Distinction) in (Contemporary Islamic Studies) from Zayed University in Abu Dhabi.
The topic of my Master was:
The impact of foreign children's movies (cartoon / animation) on the faith and values of the Muslim child in the light of the educational goals of the story in the Quran
***********************************
A summary of research in English
Praise be to Allah, and peace and blessings be upon His messenger, Prophet Muhammad (PBUH) and his family and companions.
One of the greatest things that Allah has assigned to us towards the blessing of children is to raise them on the straight path which will help them in their worldly deeds as well as the afterlife. Therefore, when we talk about parenting, we just talk about the great trusteeship and
serious responsibility.
It is very important to take into account the generational gap, informational boom and technological advances, because most methods used to raise children in the past might not be applicable now. Therefore, it is the responsibility of the parents to stay aware of the world around them and how it might affect the process of educating. The world has become like a small village, or what some call globalization.
There is no doubt in our modern world that we live in a real struggle between the values of the new world (globalization), and the values of many cultures and groups of people. There is also no doubt that the media, one of the tributaries of globalization and the most effective, has a deep impact in the formation of the child's personality, and affecting him either positively or negatively. Animations and cartoons have taken over Arabic television, and as a result a child aged between five and six years could spend four hours a day, on average, in front of the TV.
Due to the lack of production of Arabic cartoons, the Arab’s television stations look to import those movies from foreign countries, and the problem is that these movies are all produced by companies that do not invoke the values and concepts of Islamic values. Studies have confirmed the depth of the impact of animated films on a person’s childhood whether positively or negatively. As a result, this research will discuss the arising problems due to these foreign movies (cartoons) on the perceptions and imaginations of the Muslim child, in relation to the foundations of belief, and Islamic moral values.
For those, and many other reasons, the researcher has chosen the research topic to be entitled as follows:
"The impact of foreign children's movies (cartoon / animation) on the faith and values of the Muslim child in the light of the educational goals of the story in the Quran".
The current research aims to focus on what cartoons or animations contain of values and concepts, whether these values are obvious or hidden. And the study will focus on the foundations of faith and Islamic values among the Muslim child, and how they might be affected by those, compared to the objectives of educational stories in the holy Qur'an which is the criterion, constitution and the balance that must be used to measure and compare to every other worldly issue we might face.
The researcher depends in this study on: the descriptive approach represented in surveying and analyzing, through the following steps:
1. Monitoring some writings and studies that dealt with the concepts of research and analysis.
2. Illustrating the positive and negative effects of foreign films (cartoons) on the faith and values of the Muslim child.
3. Content analyzing in order to determine the implications of the Qur’anic story and its views.
4. Researcher also used deductive approach in order to extract the educational goals from the texts of Qur’anic stories.
5. Clarifying the role that the Islamic culture can contribute to the child to counter the effects of globalization, and detection of obstacles that prevent the performance of this role.
6. Using personal interviews to a random sample of children in a school in Abu Dhabi.
7. Developing a set of proposals and actions that contribute to overcoming the obstacles to formation of Islamic culture in a child, which works toward increasing the effectiveness of its role in facing the effects of foreign films, and how to find alternatives to those movies, or reduce their impact on the values and ideology of the Muslim child.
1. Monitoring some writings and studies that dealt with the concepts of research and analysis.
2. Illustrating the positive and negative effects of foreign films (cartoons) on the faith and values of the Muslim child.
3. Content analyzing in order to determine the implications of the Qur’anic story and its views.
4. Researcher also used deductive approach in order to extract the educational goals from the texts of Qur’anic stories.
5. Clarifying the role that the Islamic culture can contribute to the child to counter the effects of globalization, and detection of obstacles that prevent the performance of this role.
6. Using personal interviews to a random sample of children in a school in Abu Dhabi.
7. Developing a set of proposals and actions that contribute to overcoming the obstacles to formation of Islamic culture in a child, which works toward increasing the effectiveness of its role in facing the effects of foreign films, and how to find alternatives to those movies, or reduce their impact on the values and ideology of the Muslim child.
The research has been divided into four chapters, as follows:
Chapter I: Foundations of faith and values of the Muslim child.
Chapter II: Educational goals of the story in the Qur'an.
Chapter III: Impact of foreign movies (Cartoons) on the faith and values of the Muslim child.
Chapter IV: Conclusions- (findings and recommendations
Research and observations have shown that the lack of domestic animation and movie production opens the door to importing them from other countries of different language and culture, which negatively affects the children because those movies reflect neither the reality nor the Islamic values. That is assuming that they communicate the values and reflect the culture of the creating country. Therefore, efforts must be spent on finding the positive, dazzling and strong alternative to those international films. Alternatives that hold true Islamic values, reflecting the educational goals of the stories of the holy Qur’an, produced not only to the Muslim world, but also to be translated and made available to the whole world, in order to show the true face of Islam to adults and children of the world, building bridges of understanding and respect towards the Global Humanitarian Islamic concepts that are being distorted for political, religious and sectarian purposes. All for the purpose of building a generation of strong faith, constant determination, and that has a vision of a universal civilization, through which they can start the reconstruction of not only the earth, but also the whole universe around him, to deserve succession of God in this land, and carry his message to the worlds.
************************
Also published on Shomoos News Website here: **
http://shomosnews.com/index.php
Safaa El-Zeftawy: 28-09-2014
http://shomosnews.com/index.php
Safaa El-Zeftawy: 28-09-2014
الخميس، 9 أكتوبر 2014
القرآن ومنزلة أحسن تقويم
القرآن ومنزلة أحسن تقويم
القرآن رسالة كونية تكميلية لما سبقها، وفيه رموز يتم فكها في حينها عندما يشاء الله ، ليظل يحمل الإعجاز الإلهي حتى يوم الدين، فالله يقول في كتابه العزيز : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا)، والإسلام هنا بمعناه العام الشامل، والتسليم لأمر الله، والسلام والسلامة، واتباع الفطرة الإنسانية، ويحث في أول أمر له قبل التوحيد والعبادة على القراءة (اقرأ/ أداة العلم)، و (التدبر) في آيات الله الكونية، والقرآنية، إذن فلا مجال لتجنيب العقل، ولا مجال لإدعاء أن الدين ينافي العقل وأنه خرافات، فالإنسان (نفس وروح وجسد)، والروح من أمر الله لا علاقة لنا بها، ولا علاقة لها بنا، فهي الطاقة التي تمدنا بالحياة (مثل الكهرباء في جهاز التلفاز)، ولكن الكهرباء لا علاقة لها بما يعرضه التلفاز أو المخرج من برامج التي هي (النفس)، والجهاز نفسه الآلة (الجسد) كذلك لا علاقة لها بما يعرضه المعد والمخرج، فالنفس وحدها هي المسؤولة، وهي المُحاسبة، وهي المعنية بالخطاب الرباني الإلهي، النفس العاقلة المُكلَّفة... فخطاب الله للنفس التي هي خليط من (العقل والفطرة والعواطف والشهوات) ، وأعلاها العقل، الذي يعقل (يربط ويحدد) العواطف والشهواتمن خلال معايير (الفطرة السليمة).. منزلة أحسن تقويم (الفطرة السليمة).
يقول تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"، فالله سبحانه يأمرنا باتباع الفطرة السليمة، والفطرة دائمًا خيرة وتقودنا إلى الخير والحق والجمال الأخلاقي والظاهري في كل شيء... أما الشهوات فقد ذمها الله وأمر بعدم اتباعها، وأمر بتقييدها، وهي مخلوقة فينا لهدف (حفظ الجسد والنوع والدفاع عن النفس)، ولكن إدمانها واتباعها بلا قيد فيؤدي إلى الهلاك، والغرائز هي الشهوات التي يجب تقييدها، وهي تأتي دائمًا في باب الذم، ففي قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ)، هنا في مجال الذم، فهي تختلف عن الفطرة، التي هي خيِّرة، فالنحل لديه فطرة، والحيوان لديه فطرة (برمجة)، عندما يحدث خلل في البرمجة فإنه يخرج عن المألوف ويتوحش، مثل الكلب الذي يصيبه داء السُّعار ويهاجم كل الناس، فهكذا الفطرة عندما يخرج الإنسان عنها يتوحش ويُصيبه السُّعار للمال ولحب الشهرة، ولحب الطعام، ولحب النساء الخارج عن المألوف، فهنا يصبح خللًا في الفطرة وليس غريزة طبيعية فطرية كما نسميها، فيُطلق عليها شهوة. (شهوة المال، شهوة النساء، شهوة الطعام)، أما الفطرة تظل في حدود الرغبات الطبيعية، التي تحفظ للإنسان حياته دون تطرف أو تفريط.
والإيمان درجات ومراتب، كلما ارتقى الإنسان في مراتبه اقترب من منزلة أحسن تقويم التي ذكرها الله في سورة التين.
إنَّ العقيدة الإسلامية هي الأساس والمنطلق لكل خير وإصلاح في هذه الحياة- وفي ذلك يقول الغامدي: "والتربية العقائدية هي التي تسمو بالفكرِ والحِسِّ والوجدان على مستوى السلوك الفردي والجماعي في مجموعة قِيَمٍ تعالج كل العِلَلِ والانحرافات، والمفاهيم والتَّصَوُّرات الخاطئة عن الإنسان والكون والحياة، وتسعى إلى الإصلاح التربوي لمناحي الحياة".
ومن هذا التوضيح السابق نستنتج أن (العقيدة- أركان الإيمان) يتم ترجمتها في صورة (سلوك)، وهذا السلوك بدوره ينقسم إلى (عبادات - أركان الإسلام)، وقيم (أخلاقيات - مقام الإحسان)، فإذا صحَّت العقيدة نتج عنها منظومةٍ قِيَمِيَّةٍ صحيحةٍ وأدّت إلى سلوك صحيح ونافع على مستوى الفرد والمجتمع، فيرتقي إلى منزلة (أحسن تقويم) التي أشار إليها الحق سبحانه في كتابه العزيز.
وإنَّ منزلة أحسن تقويم التي ميَّز الله – سبحانه - بها الإنسان هي العقل الإنساني الذي يميزه عن بقية المخلوقات، والملكات والقدرات العقلية والنفسية والروحية التي تؤهله لتنفيذ مهمته المنوط بها من خلافة الله في الأرض وعمارتها، عن طريق المعرفة والعلم، وليست المقومات الجسدية، وإن كانت أيضًا إحدى مقومات تميُّز الإنسان عن غيره من المخلوقات، وهي آلة تساعده على التكامل وليس الكمال.
ويقول الله -عز وجل- في سورة التين: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَطُورِ سِينِينَ، وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ، فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ، أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ (التين: 1-8).
فالحقُّ سبحانه خلقَ الإنسان في أحسن صورة وأحسن إمكانيات تناسب هذا المخلوق وتؤهله لممارسة مهمته، ثم إن هذا الإنسان يمكن أن ينزل بنفسه إلى منزلة متدنية إذا لم يستخدم تلك الملكات فيما خُلقت له، والمستثنون من هذه المنزلة المتدنية، الذين آمنوا ( منزلة الإيمان والعقيدة الصحيحة المرتكزة على العقل والبرهان والدليل والتسليم الغيبي بما لا يمكن للعقل إدراكه)، والتي يعقبها (العمل الصالح) والسلوك القويم المرتكز على الإيمان بالله، والقيم المنبثقة عن ذلك الإيمان.
والقرآن هو المعيار الذي تقيس عليه كل شيء، والميزان الحساس الذي تزن به كل شيء، لا يعطيك تفاصيل حل المشكلة، ولكن يعطيك المفتاح لحل اللغز فقط، (الكلمات المفتاحية) ثم عليك أن تجتهد لحل ألغازك ومشاكلك بنفسك على هُدى هذا القرآن، فهو يضرب لك الأمثال لكل شيء، ثم على غرار المثال تتكرر الابتلاءات والمشكلات في الدنيا، فتتخذ من تلك الأمثال منارات تهتدي بها. مع اختلاف الظروف والملابسات مع كل إنسان ومشكلاته. وإذا أعطانا الله حلولًا لكل شيء فما وظيفتنا إذن في هذا الكون... أما أن تقول القرآن فوق العقل، فنعم لأنه كلام خالق العقل، ولكنه خاطبك بما يستوعبه عقلك أنت يا إنسان، والله من صفاته العدل، فإن خاطبك بما هو فوق عقلك ظلمك.. فالقرآن فيه ما يخاطب العقل مثل (الأحكام والمعاملات وقوانين الأسرة، والدعوة إلى التدبر والنظر في الكون)، وفيه ما يخاطب المشاعر والوجدان (مثل القصص الوعظية من قصص الأنبياء والصالحين التي تدعو إلى الصبر والإيمان ...إلخ)، فهو يخاطب الإنسان بكل مكوناته (العقلية، والعاطفية، والجسدية).
فسورة (يوسف) مثلًا قصة، وتحمل كل صفات القصة الروائية من مقدمة وحبكة وأحداث وتسلسل للأحداث ومواقف عصيبة ثم نهاية غير متوقعة، وتحمل في طياتها تصويرات أدبية في أرقى صورها اللغوية. وأهدافها متعددة، من وعظ وإرشاد وحث على الصبر، ومقاومة الغيرة بين الأخوة، ودعوة الآباء للعدل بين الأبناء ، والحث على مقاومة الشهوات (امرأة العزيز)، وتحمل الابتلاءات (السجن)، ثم الخروج من السجن والانتصار، وتحمل الأمانة ( خزائن مصر)...فهي رواية أدبية في أرقى صورها.
أما سورة النور فهي (قانون) الأسرة، وتحمل مقومات أي قانون من الصرامة، والعقوبات ، والحدود، وتحديد وظيفة كل فرد في الأسرة وحدوده فيها. فهنا نتكلم عن قانون صارم ومحدد بدقة.
القرآن يفتح العقل والبصر والبصيرة لأبعد الآفاق، أما الذين يغلقون العقول والقلوب والآفاق، فهم يفعلون مثلما فعل اليهود بتعصبهم وقسوتهم وجمودهم وتحريفهم لدينهم، وسيقع عليهم ما وقع على اليهود من لعنة ودمار وعار حتى لو شهدوا ألف عام أنهم مسلمون، (فالمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه)، لا من يبطش بكل من يخالفه، فيقطع رأسه أو يستعبده، أو يكفره...إلخ. فهذا هو المفهوم اليهودي للدين. وعندما يتوعد الله (أهل الكتاب) الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، (أي عن معانيه المرادة له) فنحن المسلمون مشمولون بهذا الوعيد، لأننا أهل (كتاب سماوي ) وقد حرفناه (ليس حرفيًا) ولكن حرفنا المعاني المقصودة وفسرنا القرآن على أهوائنا .. فحق علينا القول، وسلطنا اللهُ على أنفسنا، فقتلنا أنفسنا بأيدينا مثلما فعل اليهود بأنفسهم، وفي سورة الحجرات: (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار)، فلم نعتبر .. (فحق عليها القول فدمرناها تدميرًا). وهل هناك تدمير أكثر مما فعلناه ونفعله بأنفسنا حتى الآن؟!
ويقول الدكتور "عبد الحميد أبو سليمان": "إنني أيقنت من تأملاتي وتجاربي وخبراتي، أن معرفة الصواب لا تكفي لسلوكه، وأن معرفة الخطأ لا تكفي لمجانبته، إذا لم يكن وجدان المرء يميل وينزع إلى ما يراه العقل، ووجدت في القرآن الكريم، في قصة بني إسرائيل في مصر، سندًا ودعمًا وبرهانًا على ذلك، وذلك حين وَجَّه الله سبحانه وتعالى نبيه موسى - عليه السلام- لإنقاذ بني إسرائيل الذين استضعفوا واستعبدوا على أيدي "الفراعنة"، وأراد الله سبحانه وتعالى أن ينقذهم وأن يمن عليهم، فخرج بهم سيدنا موسى إلى سيناء، فأنزل الله إليه الألواح فيها (من كل شيء) ] الأعراف: 145[، إصلاحًا لعقائد بني إسرائيل وفكرهم الذي حُرِّفَ وتشوّه بمضي الزمن، ليس ذلك فقط، ولكن كتب الله عليهم التيه في صحراء سيناء أربعين سنة؛ ليصلح تربيتهم ووجدانهم الذي دمَّرَهُ الاستعباد، ولينشأ فيهم جيل من الأحرار أصحاب القدرة والقوة والبأس، وعند ذلك فقط (وقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ) (البقرة: 251)، و(كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بإذن الله) ( البقرة: 249) .
والمعنى من ذلك أن الإنسان يجب أن تكون لديه تربية وجدانية تجعل ميله لفعل الصواب نابعًا من وجدانه وذاته وليس من خوف وتهديد أو رغبة فقط في ثواب ونعيم، ويعبر عنها "عبد الحميد أبو سليمان" بمصطلح "الرؤية الكونية الحضارية القرآنية"، وبضرورة تربية الإنسان المسلم والشخصية الإسلامية على هذه الرؤية العقلية المنهجية الوجدانية لكي يتقدم الإنسان المسلم ويستعيد حضارته النابعة من قرآنه؛ الذي هو منهج حياة ورؤية كونية تحدد الهدف والغاية وكيفية الوصول إليه.
ويستطرد "أبو سليمان" قائلًا: "وبعد هذه القرون من محاولات التقليد والمحاكاة الفاشلة أصبح واضحصا كوضوح الشمس أنه مهما توافرت الوسائل واشتدت المعاناة فإنه لن يتبدل الحال، ولن تستخدم الوسائلولن تستقيم الأمور ويعتدل الميزان، إذا لم تكن هناك رؤية كونية حضارية تعطي الإنسان المسلم معنًى حقيقيًا إيجابيًا للوجود، وغايةً وهدفًا دافعًا لهذا الوجود، تكون بمنزلة المحرك والدافع للفعل والعطاء والحركة الإعمارية الإصلاحية" .
ويوضح "أبو سليمان" كيف كان الأصحاب "الصحابة من مهاجرين وأنصار" يتلقون الوحي والحقيقة القرآنية، وكيف حوَّلتهم تلك الرؤية الكونية القرآنية من البداوة والتصحر إلى قمم من العلم والفكر والإيمان والحماس والدافعية التي دفعتهم لأن يقودوا العالم وينشروا إليه نور الإسلام والإيمان والحضارة، وذلك قبل أن تتشوَّه تلك الرؤية بفعل المؤثرات الزمانية والمكانية والبيئية والسياسية وغيرها في الأجيال التالية فتدخلهم في دواماتٍ من الفكر الفلسفي البعيد عن واقع الحياة مِمَّا يبعدهم عن الهدف من استخلاف الإنسان في الأرض واستعماره فيها، فيقول "أبو سليمان": " كان الأصحاب حول الرسول – صلى الله عليه وسلم _ تلامذة على القرآن الكريم، ورؤيته الكلية الحضارية، من بدء خلق الإنسان، حين استخلفه الله تعالى في الأرض: (إنِّي جاعِلٌ في الأرضِ خَلِيفةً) ( البقرة:30)، إلى أن يبلغ الوجود الإنساني غايات وجوده في التسخير والإعمار، وأن يبلغ الغاية في الإبداع والزينة والتسخير والإمتاع والإعمار حين يرث الله الأرض ومن عليها (حتى إذا أخَذَت ألأَرضَ زُخْرُفُهَا واْزَّيَنَتْ وَظَنَ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا) ( يونس: 24)، فقد كان الأَصْحاب، تلامذة القرآن الكريم، يجلسون إلى كل عشر آيات من القرآن لا يتجاوزونها، إلَّا أنْ يتعلموها ويعملوا بها، ولِيَتِمَّ ذلك على عينِ المُصْطَفى – صلى الله عليه وسلم- مُعَلِّمًا ونمُوذَجًا ومُرْشِدًا خُلُقُهُ القُرْآن (وَإِنَّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4)، (وما أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) ( الأنبياء:107)، (إِنَّ أَكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) ( الحُجُرات:13) (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنَ عَمَلًا) (المُلْك:2).
ولقد كان مالك بن نبي أبرز مفكر عربي عني بالفكر الحضاري منذ ابن خلدون، ولقد كانت مقولته التالية: (إن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته، ولا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية، وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها) تمثل نقطة البدء عنده والتي استلهمها من قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وكان يعتبر أن مفتاح القضية يكمن في روح الأمة، وقد رأى أن (الاستعمار ليس من عبث السياسيين ولا من أفعالهم بل هو من النفس ذاتها التي تقبل ذل الاستعمار والتي تمكن له في أرضها).
ويمكننا تلخيص فكر "مالك بن نبي " حول مشكلة الحضارة فيما يلي:
1- مشكلة الحضارة:
يرى مالك بن نبي أن مشكلة "المجتمع الإسلامي" الذي ظل "خارج التاريخ" دهرًا طويلًا تكمن في أنه لم يعرف مرضه فظل يبحث عن الدواء الخطأ في كل مكان، فحاول أن يجد الدواء في نقل بعض الحلول في استهلاك أفكار ومنتجات الحضارات الأخرى غربية وشرقية، ولكنه لم ينجح، والسبب واضح في أن مقياس الحضارة الحقيقي ليس في استهلاك منتجات حضارة أخرى، بل إن الحضارة الحقيقية هي التي تلد منتجاتها. وأن العلاج يكمن في إعادة تركيب الحضارة لا تكديس منتجاتها، وأن أي ناتج حضاري تنطبق عليه الصيغة التالية:
ناتج حضاري = إنسان + تراب + وقت.
أي أن مشكلة الحضارة تنحل إلى ثلاث مشكلات أولية: مشكلة الإنسان ومشكلة التراب ومشكلة الوقت. وهذ المشكلات تحتاج إلى حل.
2- مُرَكَّب الحضارة:
إن مركب الحضارة من وجهة نظر مالك بن نبي هو ذلك العامل الذي يؤثر في مزج العناصر الثلاثة بعضها ببعض هو " الفكرة الدينية"، وكذلك فللحضارة حياتها أو بحسب رأي ابن خلدون "دورتها" والتي تتمثل في النهضة ثم الأوج ثم الأفول، ويرى ابن نبي أن هذه الدورة خالدة ولكن في نفس الوقت يملك الناس تغيير مصيرهم إذا غيروا ما بأنفسهم. ويرى أنه حين يتدخل "المركب الديني" يبث في العناصر الراكدة الحياة، فيخرج الإنسان من حالة الطبيعة أو الفطرة ويندفع بطاقة حيوية هائلة قد ضبطت الفكرة الدينية فيها الغرائز والحيوية الحيوانية وردود الأفعال وأخضعتها لنظام أخلاقي سام ودقيق لدى الفرد، ولنظام متماسك على درجة عالية من التوتر والتكافل على مستوى الجماعة، هنا تصمت "الغريزة" ويخضع الكل لقانون (الروح) الذي يولد النهضة والتقدم والحضارة.
3- مراحل - (دورة) – الحضارة:
تمر الحضارة بثلاثة مراحل:
(1)- مرحلة "النهضة" أو"الروح"، عندما تتمكن الفكرة الدينية من الإنسان والمجتمع وتسمو به فوق لغرائز، ويكون هناك توازن بين الروح والعقل، ويرى ابن نبي أنها تطابق المسافة التاريخية ما بين غار حراء وواقعة صفين عام 38هـ، التي وضع فيها مجيء معاوية حدًا لبناء (الروح) ولما كان قائمًا من توازن بين الروح والزمن.
(2)- مرحلة "العقل"، عندما تكتمل الفكرة الدينية وتبلغ أقصى مداها فتتولد بسبب هذا الاكتمال ضروريات جديدة ومشكلات مادية، فينشأ عند ذلك منعطف "العقل"، ولكنه لا يملك سيطرة الروح على الغرائز، فتشرع في التحرر من قيودها بالتدريج، ويكف المجتمع عن ممارسة ضبطه لسلوك الفرد، فتهتز القيم الخلقية الاجتماعية، وفي هذه المرحلة يتم التوسع في العلوم والفنون والآداب، وتقابل هذه المرحلة العصر الأموي والعصر العباسي الأول، ويختل التوازن الذي كان قائمًا بين الروح والعقل لمصلحة العقل، فتظهر بوادر الفتور الدالة على قرب أفول "الروح".
(3)- مرحلة "الأفول" أو"الغريزة"، عندما يشتد نفوذ العقل وتقل سيطرته على الغرائز، وتواصل الغرائز سعيها في التحرر حتى تبلغ مبلغًا كافيًا للسيطرة على فتجر الحضارة إلى الدخول في طورها الثالث، طور (الغريزة)، وهنا تنتهي الوظيفة الاجتماعية للفكرة الدينية وتعود الأشياء إلى ماكانت عليه في مجتمع قد انحلت شبكة علاقاته الاجتماعية وتفسخت أخلاق أفراده بسبب نضوب مخزون الروح ووهن قوى العقل، غتصير الحضارة إلى الأفول والغروب، وتمثل هذه المرحلة العصر العباسي المتأخر وما تلاه إلى عصر ابن خلدون، والتي ساد فيها ما يسميه ابن نبي "إنسان ما بعد الموحدين"، وهو إنسان يعمل لحسابه الخاص وقد اختل نظام الطاقة الروحية لديه وفقد قيمته الاجتماعية، أي تسود الفردية تبعًا لتحرر الغرائز، وتنهار شبكة العلاقات الاجتماعية نهائيًا، فينحط المجتمع وتتهيأ ظروف القابلية للاستعمار فالاستعمار.
4- إعادة بناء الحضارة:
يرى مالك بن نبي أن (إنسان ما بعد الحضارة) يختلف اختلافًا عميقًا عن (إنسان ما قبل الحضارة)، فهذ إنسان طبيعي قابل للدخول في دورة الحضارة، أما إنسان ما بعد الحضارة فلم يعد قابلًا لإنجاز أي عملٍ مُحضَّر إلا إذا تغير عن جذوره الأساسية، وهنا تتكاتف الفكرة الدينية مع التحديات التي يواجهها المجتمع لإعادة البناء الحضاري مرة أخرى. فالإنسان العربي الحديث المشوه نفسيًا واجتماعيًأ يحتاج لفكرة دينية عميقة تعيد تغييره من الجذور استنادًا إلى القاعدتين الإسلاميتين الاجتماعيتين – النفسيتين الحضاريتين اللتين تعكس أولاهما الآية: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، ويعكس ثانيتهما القول: " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"، ابتداء من تعلم "تلقي القرآن"، بحيث يوحى من جديد إلى الضمير المسلم "الحقيقة القرآنية" كما لو كانت جديدة نازلة من السماء من فورها على هذا الضمير.
وتقول الباحثة "نزيهة الدَّخَّان" في تحليلها لحال الأمة الإسلامية وما وصلت إليه من ذُلٍ وهوان وتدنِّي وانهيار حضاري، وفي بحثها عن أسباب ذلك الانهيار: " لم نمتثل لأمره تعالى : (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ...) (الأنعام: 153). ولم نلتزم بعهدنا معه سبحانه: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ، وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) (يس:60-61)، فالرحمن يقول: (َأنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) ، والشيطان يتوَعَّد: (... لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف:16) ..." ثم تستطرد قائلةً: "لذا كان لِزامًا علينا أن نسلِّط الضوء على الصراط المستقيم، ذلك الصراط الذي لا نعلم منه إلا الصورة الرَّهيبة بوصفه جسرًا على جهنم، وغفلنا عن الجانب التطبيقي منه بوصفه دُستورًا إلهيًا، وما علينا إلا العمل به بندًا بندًا، وقياس مدى التزام أبناء الأمة به، ومدى حيدهم عنه، وتسخير الطاقات البشرية وتوظيف سلطان الإعلام والتقنيات الحديثة لتوضيح هذا النهج الإلهي الكفيل بنهضة الأمة، التي طال سباتها" .
"وتشرح الهدف من خلق الإنسان، وبأن الله خلقنا لعبادته كما بين في كتابه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، ثم تتساءل ثم توضح معنى العبادة التي يقصدها الله سبحانه والتي يُطالب بها الإنسان قائلةً: " العبادة هي اسمٌ جامِعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة" ، ثم تعود إلى الآية: (َأنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ). وتربط معنى العبادة بذلك الصراط قائلةً: " (أن اعبدوني)، إنها حالة مستثناة يدعو فيها سبحانه بني آدم لعبادته وحده، ويُقْرِنُ الأمر بالعبادة بالإشارة إلى الصراط المستقيم، وفي ذلك دلالة واضحة على أن العبادة لا تكون إلا باتباعه" . ثم بعد بحث طويل وتدبُّرٍ في كتاب الله لمحاولة فهم الصراط المستقيم الذي ربطه الله بعبادته، ومعرفة أهميته وكيف تحدَّى الشيطان الله سبحانه بأنه سيغوي البشر أجمعين، وسيقعد لهم على هذا الصراط فيضلهم عن طريقه، مستثنيًا من ذلك عباد الله المُخْلَصين، وكيف أن الله نسبَ هذا الصِراط لذاته العليَّة، ووضعه على شكل بُنُود وأَمَرَ باتِّباعه، ونهى عن اتباع غيره، وقد جاء تفصيله واضحًا في سورة الأنعام :
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)).
إنه صِراط، ومنهج، مكون من عشرة بنود:
- أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
- وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
- وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ
- وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
- وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ
- وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ
- وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ
- وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
- وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا
- وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
ثم تشرح الباحثة كُلَّ بَنْدٍ مِنَ البُنُود في فَصْلٍ من فصولِ الكتاب، لتُرشِدُنا كيف أراد الله لنا ووصانا بالالتزام بتلك البنود لتحقيق التقوى الكاملة، والغاية من العبادة التي هي الغاية من خلق الإنسان ووجوده على الأرض. ثم تختتم الكتاب مستشهدةً بالآية التي يأمر الله - سبحانه وتعالى- رسوله – صلى الله عليه وسلَّم- بالتمسك بذلك الصراط وبنوده، وبأن هذا الأمر ينسحب كذلك على قومه معه ، في قوله تعالى: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)) ( الأحزاب) . مُذَكِّرًا سُبحانه وتعالى إيَّاهم بمسؤولية تطبيقه والتزامه، بصفتهم المُنطلق لهذا الدين والناطق باسمه، ليستحقوا الخيرية التي منحهم الله شرفها بشرط القيام بواجبها، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله. فالخيرية ليست صفة دائمة نتوارثها كوننا ننتمي للإسلام اسمًا، بل هي صفة من حملَ الإسلام اسمًا ومضمونًا، فلا خير في أمةٍ لا يشهد التاريخ بخيريتها، فالخيرية التي تُدِرُّ الخيرَ على أصحابها تتمثل في قوله تعالى: (وَأَنْ لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا) (الجن:16) ، ثم يُعَقِّبُ الله تعالى بتحذير ضِمْنِيٍّ من الوقوع في الفتنة، قائلًا: (لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ... ) (الجن:17)، والفتنة قد تكون بالشر أو بالخير، ثم تختتم بالدعاء القرآني الخالد: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ) (الفاتحة)..." .
ومن خلال "الرؤية الكونية الحضارية القرآنية" كما سماها "عبد الحميد أبو سليمان"، و"الحقيقة القرآنية" التي تمكننا من إعادة بناء الإنسان المسلم ومن ثم الحضارة الإسلامية مرةً أُخرى كما حددها "مالك بن نبي"، و"بنود الصراط المستقيم" كما حددها القرآن الكريم، واستخلصتها "نزيهة الَّدخان" يمكن أن نرى كيف أن أسس العَقيدة والقيم الإسلامية والتربوية كلها متضمنة في هذا القرآن العَظِيم، والذي ينبغي أن يكون دستورَ حياةٍ لكل المسلمين في كل زمان ومكان، وليعُودوا إليه مَرَّةً أُخرى، يتدارسونه كما تدَارَسَه الرَّعيل الأول، لعلنا نخرج من دوائر الفِتن التي ندور فيها ولا نستطيع الفِكاك منها منذ عُصُور، ولِنُرَبِي أبناءَنا على تَدَارُسِهِ وتَدَبُّرَهِ وفَهْمُهِ وإِسقاطهِ على واقع حياتِهم ليكونَ لَهُم نِبْراسًا يَهدي إلى الرُّشد، فتستقيم لديهم دفتي الإيمان/ العقيدة والأخلاق/القيم، وليكُون الدِّينَ سُلُوكًا مُعَاشًا وحضارَةً مُتَجَدِّدَةً في أَرقى مراتبها الإسلام، فالإيمان، فالإحسان، ليصل الإنسان المُسْلِم إلى منزلة (أَحسَنَ تَقْوِيم) التي فَطَرَهُ اللهُ عليها، وأرادها له.
___________ ** صفاء الزفتاوي 8-10-2014
** هذا المقال جزء من رسالتي للماجستير في الدراسات الإسلامية المعاصرة.
** رابط المقال على مجلة شموس:
http://www.shomosnews.com/index.php/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/item/13390-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%D8%8C-%D9%88%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84%D8%A9-%D8%A3%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%8A%D9%85.html
الاثنين، 18 أغسطس 2014
معنى الإسلام من القرآن؟
معنى الإسلام من القرآن
ما هو تعريف الله سبحانه وتعالى للمسلمين في القرآن؟
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج-78]
من الناحية اللغوية أسماء العلم لا تترجم. ولذلك وردت أسماء أعجمية كثيرة في القرآن مثل إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وداود ويوسف وموسى وهارون دون أن تترجم إلى العربية. و نجد أن الإسم يتشابه في اللغة العبرية واليونانية واللاتينية والعربية مع بعض الاختلاف في النطق. مثلا في الآية السابقة إسم العلم الأعجمي إبراهيم لم يترجم من اللغة الأعجمية القديمة التي كان يتكلم بها قوم إبراهيم إلى اللغة العربية.
لغويا ومنطقيا أسماء العلم لا تترجم لأنها مجرد علامة ملصقة على ما تسميه ولا تدل على حقيقته. مثلا ممكن شخص إسمه أمين يكون حرامي. وممكن رجل إسمه مسلم يكون غير مسلم. وممكن شخص إسمه جمال يكون قبيح. لذلك وجب التفريق بين أسماء العلم من ناحية والأسماء الحقيقية التي تربط المعنى بحقيقة ما تسميه من ناحية أخرى. لذلك نجد أسماء علم مثل حسني مبارك أو جورج بوش لا تترجم ولا تدل على حقيقة المسمى بهذه الأسماء. هي مجرد أسماء أسماهم بها أباؤهم ولا علاقة لها بحقيقة هؤلاء الأشخاص.
من ناحية أخرى نجد أن لفظ المسلمين ترجمه الله من لغة قوم إبراهيم إلى العربية لغة قوم الرسول. إذا لفظ المسلمين ليس مجرد إسم علم ولكنه وصف حقيقي لطبيعة هذه الجماعة من الناس. كلمة إسلام هي مصدر على وزن إفعال مثل إصلاح أو إنجاح وهي تدل على إفعال إسم المصدر الذي على وزن "فَعال". و لذلك الإصلاح إفعال الصلاح والإنجاح إفعال النجاح والإسلام إفعال السَلام. كلمة المُسلِمين على وزن "مُفعِلين" وهم المُفعِلين للسلام مثل أن المُصلِحين هم المُفعِلين للصلاح والمُنجِحين هم المُفعِلين للنجاح والمُفسِدين هم المُفعِلين للفساد.
فَسَد فَساد مُفْسِد أفْسَد إفْساد
صَلَحَ صَلاح مُصْلِح أَصْلَح إصْلاح
سَلَمَ سَلام مُسْلِم أَسْلَم إسْلام
"إسلام" على وزن "إفعال" تعني إفعال السلام. وكل الناس بالفطرة تعلم معنى إفعال السلام والهدف منه.
الدين عند الله الإسلام، معناه أن الفرض الذي ندين به لله هو إفعال السلام. وبـإفعال السلام نصون الأمانة التي اختصنا الله بها وهي خلافة الأرض - أي قيادة الأرض:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة-30]
والجميع بالفطرة يعلم أن إفعال السلام هو عكس إرتكاب جريمة الإفساد في الأرض وسفك الدماء.
(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) [البقرة-31-33]
الله سبحانه وتعالى علمنا الأسماء الحقيقية ولذلك نعرفها جميعا بالفطرة وذلك هو الذي يعيننا في مهمتنا و حمل الأمانة. على سبيل المثال جميع البشر على اختلاف نشأتهم ومجتمعهم يعرفون مفهوم السلام ويعلمون بالفطرة أنه شيء جيد وأن إفعال السلام (أي الإسلام) فعل حسن. و هو إسم حق أي مفهوم إنساني علمه الله لكل الناس ويظهر فطريا في كل الحضارات حتى التي لم يكن عندها اتصال ببعض. والإسلام ليس فكرة جديدة ولكنه مفهوم معروف عند أهل الكتاب وذكر كثيرا في كتبهم. على سبيل المثال:
وَالْبِرُّ هُوَ ثَمَرَ ةُ مَا يَزْرَعُهُ فِي سَلاَمٍ الْمُسْلِمون. [ﻳﻌﻘﻮﺏ 3:18]
بهذا المفهوم تعالوا نتدبر مرة أخرى الآية 78 من الحج:
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِي)رُ [الحج-78]
الآية الكريمة تتحدث عن سببين لتسميتنا بالمسلمين: أولا ليكون الرسول شهيدا علينا وثانيا لكي نكون شهداء على الناس. وبطبيعة الحال الشاهد وظيفته وواجبه الأساسي هو أن يشهد الحق في حالة حدوث خلاف. إذا السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي القضية التي فيها اختلاف؟
القضية موضع الخلاف مذكورة في أول الآية الكريمة. حين يقول الله "جاهدوا في الله حق جهاده" فهذا يعني بالضرورة أن هناك جهاد حق و جهاد باطل. إذا القضية هي الخلاف بين الجهاد الحق والجهاد الباطل. و بالتالي الله سبحانه وتعالى سمانا المسلمين في رسالته التي يبـلغها رسوله لكي يحسم تلك القضية. حيث أن الرسول من خلال الرسالة يشهد أن إسمنا المسلمين وبذلك سوف يكون شهيدا علينا ونكون شهداء على الناس فيما يتعلق بالجهاد الحقيقي في مقابل الجهاد الباطل. بالتالي لا يمكن أن نفسد في الأرض ونسفك الدماء وندعي أننا نفعل ذلك للجهاد في سبيل الله. في هذه الحالة إسمنا كمُسلِمين يعني مُفعِلين للسلام يدحض أي تبرير للفساد في الأرض وسفك الدماء بحجة الجهاد في سبيل الله. وفهمنا الصحيح لمعنى إسم المسلمين يجعلنا أيضا شهداء على كل من يفسد في الأرض ويسفك الدماء بحجة الجهاد في سبيل الله.
منذ بدء التاريخ وحتى يومنا هذا كثير من الدماء تستحل وتسفك والجرائم ترتكب والحروب تشتعل بحجة الجهاد في سبيل الله. كل هذا يتنافى مع الهدف الأساسي الذي جعلنا الله من أجله خلفاء في الأرض. واسمنا كمُسلِمين أو مُفعِلين للسلام هو البوصلة التي نستطيع أن نقرأها بما علمنا الله من الأسماء الفطرية وترشدنا إلى الجهاد في الله حق جهاده.
الجهاد الحق ¬ إفْعال السلام ¬ الإسْلام
إفعال السلام أي الإسلام ليس مجرد إسم علم ندونه على البطاقة ولكن هو مهمة يجب علينا تنفيذها لكي نؤدي أمانة الخلافة في الأرض.
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم-30]
والمجرم الذي يفسد في الأرض بـعمله وقوله الذي لا ينشر السلام بين الناس هو عكس المُسلِم المُفعِل للسلام:
(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) [القلم-35]
الإسلام ليس مجرد إسم علم يدون في شهادة الميلاد أو البطاقة. وهو ليس كما يظن البعض مجرد طقوس يقوم بها الناس بينما في نفس الوقت يحلون الإفساد في الأرض وسفك الدماء بإسم الدين. الإسلام هو إفعال السلام وبالتالي كل مُفعِل للسلام هو مُسلِم. ومن جهة مقابلة من لا ينشر السلام في الأرض أو يفسد فيها ويسفك الدماء أو يشجع هذه الجرائم أو يسكت عنها فهو ليس بمُسلِم.
#منقول.
(صفاء الزفتاوي- 19-8-2014)
الأحد، 17 أغسطس 2014
الثقب الأسود ... BLACK HOLE
الثقب الأسود .....
تقول إحدى المُلحِدات على أحد مواقع التواصل الاجتماعي ما يلي:
" يمتلئ القرآن الكريم بالاخطاء المنطقية. وسأبدأ بنشر بعضها تباعا واعطيها رقم لسهولة العودة اليها. اول الاخطاء المنطقية هي:
أن الله يحيي الموتى وهي رميم. ( إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ماقدموا وآثارهم ) يس، 12. وقال: ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ) يس، 78. من ذلك فُهم ان الفرد يعود بجسده فيقف امام الله الاسلامي. بل ونراه يقول: ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ) (النساء، 56).
لامعقولية ذلك في استحالة خلق الفرد بذاته، من حيث أن ذلك سيعني إعادة استخدام الذرات نفسها التي تكوَّن منها كل فرد. ولكننا نعلم أن كل كائن يتفسخ وتصبح ذراته طعاما لكائن اخر الذي بدوره يتفسخ ويصبح طعاما لغيره، وهكذا ملايين المرات. بمعنى آخر أن كل ذرة معينة وبذاتها تكون جزء من جسم مئات الكائنات على التوالي، فكيف يتمكن الله من اعادة الكائنات كلها في وقت واحد وكل ذرة من أجسام أحدهم هي جزء من أجسام آخرين أيضا؟ إن استخدام ذرات جديدة لن ينتج عنها الفرد نفسه، وبالتالي يكون الأمر مجرد خديعة وسراب. الله لايستطيع إعادة الموتى بذاتهم، لكونها استحالة منطقية " .
وأرد عليها منطقيًا وعلميًا كذلك بالأتي:
في التعبير القرآني ، يقول الله سبحانه: ﴿ إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ﴾ [النحل:40]، ويقول علماء الفيزياء وعلى رأسهم (استيفن هوبكنز) أن الكون وُجدَمن العدم.. التعبير القرآني يؤيد ذلك تمامًا.. حيث أن الأمر من الخالق للشيء الذي لم يكن له وجود سابق إطلاقًا أن يوجد من العدم التام هو ما تؤكده تلك الآيات.. فما التعارض بين قول الفيزيائيين وقول الحق (سبحانه) .. من يفهم الدين جيدًا، ويفهم العلم جيدًا ولديه حيادية علمية فسوف يجد أنه لا تعارض بين الدين ( كما جاء في القرآن) وبين العلم. كذلك التساؤل عن كيفية ‘عادة خلق الله سبحانه للإنسان مرةً أُخرى بعد أن يبلى ويتحول جسده لذرات تتداخل بعد ذلك في أجساد حيوانات ونباتات وصخور الأرض وترابها .. فهذا أيضًا ما يؤيده علم الجينات، وكيف أن يمكن إعادة توليد إنسان من خلية من جسد إنسان آخر (الاستنساخ) بحيث يصبح النسخة الجديدة متصفًا بكل الصفات الجينية للأصل، مع الفارق أن الروح لن تكون واحدة والتجارب الحياتية التي سيمر بها هذا النسخ لن تكون واحدة ولذلك قد تتطور شخصيته بشكل مختلف عن نسخته الأصلية.. أما إعادة الخلق من الله سبحانه فهي كاملة لا عيب فيها، ويؤيدها حديث عجب الذَّنّب.
في التعبير القرآني ، يقول الله سبحانه: ﴿ إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ﴾ [النحل:40]، ويقول علماء الفيزياء وعلى رأسهم (استيفن هوبكنز) أن الكون وُجدَمن العدم.. التعبير القرآني يؤيد ذلك تمامًا.. حيث أن الأمر من الخالق للشيء الذي لم يكن له وجود سابق إطلاقًا أن يوجد من العدم التام هو ما تؤكده تلك الآيات.. فما التعارض بين قول الفيزيائيين وقول الحق (سبحانه) .. من يفهم الدين جيدًا، ويفهم العلم جيدًا ولديه حيادية علمية فسوف يجد أنه لا تعارض بين الدين ( كما جاء في القرآن) وبين العلم. كذلك التساؤل عن كيفية ‘عادة خلق الله سبحانه للإنسان مرةً أُخرى بعد أن يبلى ويتحول جسده لذرات تتداخل بعد ذلك في أجساد حيوانات ونباتات وصخور الأرض وترابها .. فهذا أيضًا ما يؤيده علم الجينات، وكيف أن يمكن إعادة توليد إنسان من خلية من جسد إنسان آخر (الاستنساخ) بحيث يصبح النسخة الجديدة متصفًا بكل الصفات الجينية للأصل، مع الفارق أن الروح لن تكون واحدة والتجارب الحياتية التي سيمر بها هذا النسخ لن تكون واحدة ولذلك قد تتطور شخصيته بشكل مختلف عن نسخته الأصلية.. أما إعادة الخلق من الله سبحانه فهي كاملة لا عيب فيها، ويؤيدها حديث عجب الذَّنّب.
لقد خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، وجعل خلقه هذا آية دالة على عظيم قدرته وبديع صنعه، ولهذا نجد الأمر منه سبحانه وتعالى للإنسان بالنظر والتفكر في خلقه، يقول الله تعالى:﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴾ [الطارق: 5]؛ وكل هذا لكي يتعرف الإنسان على ربه تعالى ويشهد بأنه الإله الحق.
"وقد جاءت نصوص من الكتاب والسنة لترشد الإنسان إلى بعض أسرار خلقه وتعينه على النظر والتفكر، ومن ذلك أحاديث (عجب الذنب) التي أخبر فيها النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم عن حقائق علمية بالغة الأهمية، وهي أن الإنسان يركب خلقه من عجب الذنب وذلك عند تكون الجنين، وأن هذا العظم لا يبلى، بل يركب الإنسان ويعاد خلقه منه يوم القيامة.
وفي هذا البحث سنتعرض لهذه الأحاديث بشيء من التوضيح، وبيان ما توصل إليه العلم الحديث في هذه المسألة، ومن ثم إظهار وجه الإعجاز فيها بمطابقتها للحقائق العلمية الحديثة.
جاءت بعض الأحاديث مخبرة عن عجب الذنب، فمنها ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ»(1).
ومن ذلك أيضاً ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الْإِنْسَانِ عَظْمًا لَا تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ أَبَدًا فِيهِ يُرَكَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالُوا: أَيُّ عَظْمٍ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: عَجْبُ الذَّنَبِ»(2).
والعَجْبُ بالسكون: وهو العظمُ الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز(3).
يقول النووي: "قوله: (عجب الذنب) هو بفتح العين وإسكان الجيم أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص، ويقال له: (عجم) بالميم، وهو أول ما يخلق من الآدمي، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه"
(4).
ومن خلال الأحاديث السابقة نجد أنها أشارت إلى ثلاثة أمور:
1- أن الإنسان يبدأ خلقه في مرحلة التكوين من عجب الذنب.
2- أن عجب الذنب لا يبلى ولا تأكله الأرض.
3- منه يعاد خلق الإنسان يوم القيامة.
عجب الذنب (الشريط الأولي) في ضوء علم الأجنة:
أوضح علم الأجنة الحديث أن عجب الذنب هو الشريط الأولي Primitive Streak حيث إن هذا الشريط الأولي هو الذي يتكون إثر ظهوره الجنين بكافة طبقاته وخاصة الجهاز العصبي، ثم يندثر هذا الشريط ولا يبقى منه إلا أثر فيما يسمى عظم العصعصي (عجب الذنب) (5).
عجب الذنب لا يبلى:
لقد اكتشف العلماء أن الذي يقوم بالتخليق والتنظيم لجميع خلايا الجنين هو الشريط الأولي، وأول من اكتشف ذلك من العلماء هو العالم الألماني الشهير (هانسن سبيمان) حيث قام بدراسات وتجارب على الشريط الأولي والعقدة الأولية وأكتشف أن الخيط الأولي والعقدة الأولية هما اللذان ينظمان خلق الجنين وأطلق عليهما اسم(المنظم الأولي أو المخلق الأولي ¬(Primary Organizer وقام بقطع الشريط الأولي وزرعه في جنين آخر في المراحل الجنينية المبكرة في الأسبوع الثالث والرابع فأدى ذلك إلى نمو جنين ثانوي من هذه القطعة المزروعة في الجنين المضيف؛ حيث تقوم هذه القطعة المزروعة بالتأثير على البيئة التي حولها والمكونة من خلايا الجنين المضيف، بحيث تؤثر عليها وتنظمها ويتخلق منها جنين ثانوي مغروساً في جسد الجنين المضيف.
ثم قام هذا العالم الألماني (سبيمان) عام 1931م بسحق المنظم الأولي وزرعه مرة أخرى فلم يؤثر السحق حيث نما مرة أخرى وكون محوراً جنينياً ثانوياً رغم سحقه ولم تتأثر خلاياه.
وفي عام 1933م قام هذا العالم وعلماء آخرون بغلي المنظم الأولي وزراعته بعد غليه فشاهدوا أنه يؤدي إلى نمو محور جنين ثانوي بعد غليه ولم تتأثر خلاياه بالغليان، ولقد نال العالم الألماني (سبيمان) جائزة نوبل عام 1935م على اكتشافه للمنظم الأولي(6).
وأجريت تجارب أخرى في نفس المجال وتوصلت إلى نفس النتيجة، ومن ذلك ما أثبته مجموعة من علماء الصين في عدد من التجارب المختبرية استحالة إفناء عجب الذنب كيميائياً بالإذابة في أقوى الأحماض، أو فيزيائياً بالحرق، أو بالسحق، أو بالتعريض للأشعة المختلفة(7)، ولقد قام الدكتور عثمان جيلان بالتعاون مع الشيخ عبد المجيد الزنداني في رمضان 1424هـ في منزل الشيح عبد المجيد الزنداني في صنعاء بتجربة على العصعص حيث قاموا وتحت تصوير تلفزيوني بأخذ أحد فقرتين لخمس عصاعص للأغنام وقاموا بإحراقها بمسدس غاز فوق أحجار ولمدة عشرة دقائق حتى احمرت وتأكدوا من إحراقها التام بحيث أصبحت حمراء، وبعد ذلك أصبحت سوداء متفحمة فوضعوا القطع في علب معقمة وأعطوها لأحد أشهر المختبرات في صنعاء (مختبر العولقي).
وقام الدكتور صالح العولقي أستاذ علم الأنسجة والأمراض في جامعة صنعاء بفحصها نسيجياً وكانت النتيجة مبهرة حيث وجد خلايا عظمة العصعص لم تتأثر ولازالت حية وكأنها لم تحرق، أما الذي احترق فهو العضلات والأنسجة الدهنية وخلايا نخاع العظم المصنعة للدم، أما خلايا عظمة العصعص فلم تتأثر(8).
فكل هذه التجارب تؤكد أن عجب الذنب لا يبلى، بل يظل محتفظاً بخصائصه وقدرته على التخليق حتى في أصعب الظروف.
فيه يركب الخلق يوم القيامة:
المسألة الثالثة التي أخبرت بها الأحاديث هي أن الإنسان يركب خلقه يوم القيامة من عجب الذنب، ومما يصلح أن يستدل به على هذه المسألة هو أن عجب الذنب بعد أن يتراجع ويستقر في العصعص فإنه إذا حدث له مؤثر ونما مرة أخرى فإنه ينمو نمواً يشبه نمو الجنين حيث يبدأ في تكوين الطبقات الأولية الثلاث(الإكتودرم والميزودرم والإندودرم) تماماً مثل نمو الجنين، وينمو على صورة ورم مسخي، يشبه الجنين المشوه بحيث تبرز بعض الأعضاء كالقدم واليد-بأصابع وأظافر- والأعضاء الباقية تكون داخل الورمة، وعند فتح الورم بعد استئصاله فإن الجراح يجد باقي الأعضاء كالأسنان والأمعاء والعظام والشعر والغدد. ووجود هذه الخلايا في منطقة العصعص لكي تحفظ البداية البشرية، ويمكن الاستدلال بهذا على أن الإنسان يركب من عجب الذنب يوم القيامة فمنطقة عجب الذنب تحتوى على خلايا الشريط الأولي وهي ذات مقدرة شاملة كلية بحيث لو نمت خلية فإنها تنمو نمواً بحيث تكون جنيناً(9)".
http://www.youtube.com/watch?v=kAaMYujPVr8
http://www.youtube.com/watch?v=kAaMYujPVr8
ونعود مرةً أُخرى إلى أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الكون من العدم، ثم خلق كل ما في هذا الكون من مادته، وبدأ خلق الإنسان من طين (آدم الأول) ، وجعل ذريته تتوالد من الخلية الأولية أو الشريط الوراثي الأولي (عجب الذّنب)، وأن هذا الشريط الوراثي لا يبلى، ولذلك عندما يعيد الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان سيعيده من خلال هذا الشريط الوراثي، فيكون هو ذاته بكل خبراته وتجاربه وذكرياته، والفرق بينه وبين الاستنساخ، أن الكائن أوالإنسان المستنسخ يحمل نفس الجينات الوراثية من النسخة الأولية، ولكنه لا يحمل نفس الروح ولا نفس النفس - وهناك فرق بينهما نتناوله في مقال آخر بإذن الله - ، وكذلك سيحمل هذا الإنسان المُعاد خلقه يوم القيامة بالإضافة لصفاته البيولوجية والنفسية صفات المواد الجديدة التي سيعاد تخليقه من خلالها، فتصبح صفاته الجسدية قادرة على الخلود ولا تفني بالمرض ولا الموت، لأن تلك الحياة الآخرة حياة الخلود.
وهذا والله أعلى وأعلم ،
(صفاء الزفتاوي- 18/ 8/ 2014).
______________________________________________________________________
المراجع:
(1) صحيح مسلم 14/ 201، برقم 5254.
(2) صحيح مسلم 14/ 202، برقم 5255.
(3) لسان العرب 1/ 580.
(4) شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 343.
(5) انظر الأبحاث التالية:
- الإعجاز الطبي في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحاديث عجب الذنب للدكتور محمد علي البار، موقع:
www.nooran.org
- الإعجاز الطبي في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحاديث عجب الذنب للدكتور محمد علي البار، موقع:
- الإعجاز الطبي في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحاديث عجب الذنب للدكتور محمد علي البار، موقع: www.nooran.org
(9) عجب الذنب أصل الإنسان الذي لا يبلى للدكتور عثمان جيلان نقلاً عن موقع: www.55a.net
(10): منقول عن : الإعجاز العلمي في أحاديث عجب الذنب، إعداد: عادل الصعيدي، نقلًا عن موقع:
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
Copyright Text
( اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه )